ـ[أم البراء]ــــــــ[09 - 02 - 06, 07:52 م]ـ
إن البرية يوم مبعث أحمد ** نظر الإله هلا فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من ** خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة ** جبت الكنوز فكسرت أغلالها
لما رآها الله تمشي نحوه ** لا تبتغي غلا رضاه سعى لها
ماذا عسى البلغاء اليوم قائلة ** من بعدما نطقت حم تنزيل
سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تناقلتها الأخبار .. وسارت سير الشمس برابعة النهار .. حدث عنها ولا حرج ..
تناقلها الرواة بكل فج ** وأهدتها الحواضر للبوادي
وحسبه صلى الله عليه وسلم أنه نبي وحسبه أنه أبو الشجعان ومصانعهم على عينيه ..
ملك الشجاعة فهي طوع زمانه ** ولغيره جمحت وليست تركب
والذي رفع السماء بلا عمد .. وعلم السماء بلا عمد .. ما شهدت الغبراء أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أثبت منه قلبا .. كان طودا لا يتزعزع .. شامخا لا يتزلزل .. لا ترهبه الأزمات .. ولا تهزه الحوادث والملمات ..
تروي أحاديث الوغى من بأسه ** فالسيف يسند والعوالي مركب
وما رآه فارس إلا استر ** فعل نجوم الليل عاين القمر
وحسبه أنه نبي ..
- كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس حين خرج على قومه بدعوة ينكرونها جميعا وليس له من معين سوى ربه فصدع بها في جميع الأماكن والأزمان والأحوال فوق الجبل وفي المسجد وفي الطريق والسوق ..
كان صلى الله عليه وسلم شجاعا أشجع من الشجاعة وأشد في الحق من الشدة ..
ماضي العزيمة والسيوف كليلة ** طلق المحيا والخطوب دواجي
عباد الله ..
سعى كفار قريش إلى عمه أبي طالب فقالوا يا أبا طالب إن لك فينا سنا ومنزلة وشرفا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر على ذلك فإما أن تكفه أو ننازلك وإياه حتى يهلك أحد الفريقين ثم انصرفوا .. فعظم عليه فراق قومه ولم يطب نفسا بإسلام ابن أخيه لهم وخذلانه .. فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي ابق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر مالا أطيق فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خاذله .. فحلق وحدق ببصره إلى السماء .. فوقفت الدنيا مشدودة السمع لما تفتر عنه شفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصاخ الكون .. وأنصت التاريخ للكلمة التي يتوقف عليها مصير السعادة البشرية والحضارة الإسلامية .. فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا نعم .. ففي تصميم يفل الحديد .. وعزيمة لا تعرف الهزيمة .. وتحد يقهر الخصوم اللد .. وإصرار يقتحم البحر بجزره والمد .. قال كلمة صريحة لا يقبل معناها التأويل
ببلاغة لو قست سحبانا بها ** ألفيته ذا منطق تمتام
قال والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة نار .. والله لو تضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ثم استعبر وبكى ..
وولى كأنما أ، فاسه حرجف ** وبين جنبيه لظى واقده
لو مادت الأجبال من تحته ** أو خرت الأفلاك ما زعزع
يا لقوة الإيمان وجلال البطولة .. رجل يظن أنه تخلى عنه ناصره الوحيد من أهله .. ثم يقف هذا الموقف العظيم .. إنه ثبات النبوة ...
إن يكن أعزل فالحق له سيف ولأمة ** فهو في جيش من الإيمان ما فلوا لهامة
عباد الله ..
وقف أبو طالب مأخوذا بما سمع ورأى فهو في قرارة نفسه يقول: والله ما هذا إلا نبي كريم بلغ أعلى درجات الثقة برب العالمين .. فلن ينكص على عقبيه لأنه يأوي إلى ركن شديد فما عليه ..
وبين جنبيه دين لو أراد به صم الجبال لما قرت رواسيها
ثم يناديه .. أقبل يا ابن أخي .. فأقبل صى الله عليه وسلم فقال له اذهب فقل ما أحببت .. والله لا أسلمك لشيء أبدا ..
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ** حتى أوسد في التراب دفينا
قم وأبلغ نوره للعالمين ** قم وأسمعه البرايا أجمعين
إن تكن في مثل نيران الخيل ** أسمع النمرود توحيد الجليل
فلم يزل يجهر بالتوحيد .. ولا يخاف سطوة العبيد .. وحسبه أنه نبي ..
صلى عليك الله يا علم الهدى ** فاستبشرت بقدومك الأيام
هتفت لك الأرواح من أشواقها ** وازينت بحديثك الأقلام
عباد الله ..
¥