ثالثاً: محبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الوالد والولد والنفس، مما يترتب عليه تعظيمه، وإجلاله، وتوقيره، ونصرته، والدفاع عنه، والتقيّد بما جاء عنه.
فعلى كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى، ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة التوحيد، ولتقبل شهادته بأن محمداً رسول الله، فإن المنافقين قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1]، فلن تنفعهم شهادتهم، لأنهم لم يحققوا معناها.
وإليك بعض الأمور التي يمكننا من خلالها العمل بمقتضى تلك المحبة، وواجب القيام بذلك الحق للنبي صلى الله عليه وسلم تجاه هذه الهجمة الشرسة عليه أن نفديه بأولادنا ووالدينا وأنفسنا وأموالنا، كل على قدر إمكانياته، فالكل يتحمل مسؤوليته ومن خلال موقعه:
على مستوى الفرد:
1 - التفكير في دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم القاطعة بأنه رسول رب العالمين، وأصلها القرآن الكريم، وما تضمّنه من دلائل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم.
2 - تعلم الأدلة من القرآن والسنة والإجماع الدالة على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر باتباعه، والاقتداء به صلى الله عليه وسلم.
3 - العلم والمعرفة بحفظ الله لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, وذلك من خلال الجهود العظيمة التي قام بها أهل العلم على مَرّ العصور المختلفة, فبَيّنوا صحيحها من سقيمها، وجمعوها على أدق الأصول التي انفردت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم السالفة.
4 - استشعار محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب بتذكر كريم صفته الخَلقية والخُلقية، وقراءة شمائله وسجاياه الشريفة، وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري في صورته وفي أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
5 - استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى الله عليه وسلم على كل واحد منا، إذ أنه هو الذي بلّغنا دين الله تعالى أحسن بلاغ وأتمّه وأكمله، فقد بلّغ صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، ورسولاً عن قومه.
6 - عزو كل خير دنيوي وأخروي نوفق إليه ونتنعّم به إليه صلى الله عليه وسلم بعد فضل الله تعالى ومنته، إذ كان هو صلى الله عليه وسلم سبيلنا وهادينا إليه، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته.
7 - استحضار أنه صلى الله عليه وسلم أرأف وأرحم وأحرص على أمته. قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} [الأحزاب:6].
8 - التعرّف على الآيات والأحاديث الدالة على عظيم منزلته صلى الله عليه وسلم عند ربه، ورفع قدره عند خالقه، ومحبة الله عز وجل له، وتكريم الخالق سبحانه له غاية التكريم.
9 - الالتزام بأمر الله تعالى لنا بحبه صلى الله عليه وسلم، بل تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على النفس، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين».
10 - الالتزام بأمر الله تعالى لنا بالتأدب معه صلى الله عليه وسلم ومع سنته لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات:2] وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات:3]، وقال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا} [النور:63].
11 - الانقياد لأمر الله تعالى بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ومناصرته وحمايته من كل أذى يراد به، أو نقص ينسب إليه، كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح:9].
12 - استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته، والذب عنه صلى الله عليه و سلم.
13 - استحضار الثواب الجزيل في الآخرة لمن حقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الصحيح، بأن يكون رفيق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن قال إني أحب الله ورسوله: «أنت مع من أحببت».
¥