تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال سبحانه (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وقال: (فَاتَّقُوْا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

لذا فالواجب اللازم على المسلمين اليوم: إنكارُ هذا المنكر العظيم، كُلٌّ بما خَوَّلَهُ الله وولَّاهُ، فالواجب على ولاة أمور المسلمين قَطْعُ صِلَتِهم بهذه الدولة الُمحادَّة.

والواجب على عموم المسلمين تجارا وغيرهم مقاطعة سلعهم وبضائعهم. ليذوقوا وبال أمرهم، وليحصل بين شركاتهم وتجارهم وعموم شعبهم وبين حكومتهم الراضية بما نُشِرَ شقاقٌ ونزاعٌ بسبب جنايتهم عليهم، قال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

وقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ).

وليس لهذه المقاطعة غاية تنتهي إليها، إلا بمحاسبة تلك الصحيفة ومسؤوليها، ورسَّامي الرسوم وكُلّ ذي صلة بها، ومعاقبتهم عقوبة حاسمة رادعة. أَمَّا ما ينادي به بَعْضُ الُجهَّال، من أن تكون غايةُ المقاطعة اعتذارَ الحكومة الدنماركية أو الصحيفة: فليس من الحق ولا العقل في شيء! وحكمٌ لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذه الجناية حَقٌّ عظيم لله عزَّ وجلَّ، ليس لأحد أَنْ يتنازل عنه، أو يُعلن المسامحة. قال شيخ الإسلام في «الصارم المسلول» (ص226): (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أَنْ يعفو عَمَّن شتمه وسَبَّهُ في حياته، وليس للأمة أَنْ يعفوا عن ذلك). ثم قال (ص293): (ومما يوضح ذلك: أنَّ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعلَّق به عدة حقوق: حَقّ الله سبحانه من حيث كَفَرَ برسوله صلى الله عليه وسلم، وعادى أفضل أوليائه، وبارزه بالمحاربة، ومن حيث طعن في كتابه ودينه، فإن صحتهما موقوفة على صحة الرسالة. ومن حيث طعن في ألوهيته، فإنَّ الطعن في الرسول طَعْنٌ في الُمرْسِل، وتكذيبَه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى، وإنكارٌ لكلامه وأمرِه وخبرِه وكثيرٍ من صفاته. وتعلَّق به حَقُّ جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأُمم، فإنَّ جميع المؤمنين مؤمنون به، خصوصا أمته، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بوساطته وسفارته، فالسَّبُّ له أعظم عندهم من سَبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسَبِّ جميعهم، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين. وتعلَّق به حَقُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه) اهـ.

فلا حَقَّ لأحدٍ قط أَنْ يتنازل عن حَقٍّ ليس له، ومَنْ تنازل عن شيء من ذلك، فإنما تنازل عن حَقِّ غيره، فلا يَصِحُّ تنازلُه ولا يجوز. كما أَنَّ الواجب على المسلمين أيضا: مُناصرةُ كُلِّ تاجر كريم، غضب لمحادة أولئك العلوج لله ورسوله صلى الله عليه وسلم - فقطع وارداتهم - بالشِّراءِ منه، تأييدا له ومناصرة، وتشجيعا لغيره أَنْ يسلك مسلكَهُ، وينهجَ نهجه.

فَصْلٌ

وفي هذه المقاطعة أربعة أمور عظيمة مُتحقِّقة، إِنْ تخلَّفَ أحدُها لم تتخلَّفْ بقيتُها: 1

- أحدها:

الإعذار إلى الله عزَّ وجلَّ، وبَذْلُ ما بالوسع والطاقة في نُصرة شرعه ودينه، فَإِنَّ هذا واجبٌ لازمٌ، وليس في أيدينا إلا هذا.

2 - والثّاني: احتساب المُقاطِعِ الأجرَ من الله جَلَّ وعلا في ذلك، وتعبُّده بهجر مُحادِّيه وأعدائه، والمجاهرين بذلك والمعلنين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير