تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - والثّالث: التنكيل بأعداء الله، وإذاقتهم بَعْضَ وبالِ أمرهم، بحيث يكون لهم عقوبة مؤلمة، ويكون لغيرهم رادعا، حاميا لحياض المسلمين ودينهم وعرض نبيهم صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام (ص385): (وأيضا: فإن السَّابَّ ونحوه، انتهك حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقَّص قدرَه، وآذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين، وأجرأ النفوس الكافرة والمنافقة على اصطلام أمر الإسلام، وطلب إذلال النفوس المؤمنة، وإزالة عِزِّ الدين، وإسفال كلمة الله، وهذا من أبلغ السعي فسادا).

4 - والرّابع: إظهاره عِزَّةَ المؤمنين وقوَّتهم، ونَيْلَهُمْ من أعدائهم ومُتنقّصي رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، وإِنْ ضعفتْ حيلتهم عن مقاتلته. فهذه أربع مصالح عظيمة من مقاطعة أولئك المُحادِّين.

فمَنْ زَعَمَ مِنْ أهل النفاق أَنَّ المقاطعة غير نافعة، أو أَنَّ نفعَها قليل: أُجِيْبَ بهذا.

وقد ظهر - بحمد الله وفضله - في أيام قلائل، عظيمُ أثر ما حصل من مقاطعتِهم، وتألمهم الشَّديد من ذلك، وانشقاق صفوفهم، وخوف حكومتهم من العواقب، وخسارتهم الملايين الكثيرة حتى الآن. لهذا تكالب أعداء الله - عليهم لعائن الله - بنشر تلك الصور في صحف أوروبية كثيرة، محاولة منهم فَكَّ هذه المقاطعة، وإضعاف عزم المسلمين وتشتيت أمرهم، بإلزامهم أنفسهم بمقاطعة الدول الأوروبية مجتمعة أو تركها كلها! حِيْلَةٌ خبيثةٌ كان قد سَنَّهَا لأسلافهم إبليسُ في ليلة مُهاجَر النبي صلى الله عليه وسلم، حين أشار على كبار كفار قريش، اشتراك رجل من كل قبيلة في قتل النبي صلى الله عليه وسلم، ليضيعَ دَمُهُ في القبائل كُلِّهَا فلا يُطْلَبُ! لذا فإني أرى أَنْ يُعاقبَ هؤلاء بنقيض قصدهم، فتستمرّ مقاطعة الدنماركيين وهذا واجب لا محالة، فإنهم هم الذي سَنُّوا هذا الأمر.

أما بقيَّة الدول الأوروبية: فقد عَلِمَ المسلمون ما تُكِنُّهُ نفوسُهم الخبيثة لنبيِّهم صلى الله عليه وسلم، فيحرص كُلّ مسلم ألا يشتري من بضائعهم إلا ما تدعوه الحاجةُ إليه إِنْ لم يجدْ بديلا من صناعة غيرهم. كما أغاظتْ هذه المقاطعة كثيرا من المنافقين، فحاولوا تارة التبرير، وتارة التهوين، وتارة بزعم الإصلاح وإرادة الخير!.

1 - فمن زاعم أَنَّ المقاطعة ستقطع الحوار معهم! وهذه كذبةٌ بلقاء، وحيلةٌ بلهاء، فإنَّ الله عز وجل لم يَأْذَنْ بالحوار مع الكفار إلا ببنائه على أصلَيْنِ اثنَيْنِ، هما:

(أ) دعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

(ب) وبيان بُطْلان دينهم وفساده، وأَنْ اللهَ لا يقبله منهم، ولا يقبل غيرَ الإسلام.

لهذا قال سبحانه: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

وكانتْ حوارات النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، لهذا قال سبحانه: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، ولو أقاموهما لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا، كما قال عيسى عليه السلام لهم: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ). وقال: (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ). فهل هذه الحواراتُ المزعومةُ، شرعيةٌ مبنيَّةٌ على هذَيْنِ الأصلَيْنِ، أو أنَّها غطاء لهدم الدين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير