تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، وموالاة الكفار والمشركين؟!.

2 - ومن منافق زاعم: أَنَّ سبب جناية تلك الصحيفة هو تقصير المسلمين أنفسهم في تعريفهم بالإسلام! فمرادُه تبرئة هؤلاء المحادّين من جنايتهم، أو تبريرها لهم، وإناطة جُرْمِها بالمسلمين! ولم يعلم هذا المنافق أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم - مع شهادة الله التامة له بإبلاغ الرسالة وإتمام الدين - لم يسلم من المستهزئين والساخرين، قال سبحانه لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الُمشْرِكِيْنَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الُمسْتَهْزِئِيْنَ). بل كُلُّ أنبياء الله كذلك، قال تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)، وقال: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ). وقال: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ). وقال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُوْنَ).

3 - ومِنْ منافق زاعم: أنَّه يعارض المقاطعةَ إِنْ كان بها إضرار بمصالح المسلمين! ولا أدري ما هذا الضرر الفائق لمحادَّتِهم لله واستهزائهم برسوله صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك ممَّا قدَّمنا. أم أن ضرره المترقَّب ما يخشاه من فضل مطعم ومشرب! فلا أشبع الله إذن بطنَه. ولو قُدِّرَ حصول ضرر - وهو غير مسلم -: فالواجب احتساب الأجر والصبر، فإنَّ الجنة لم تُحَفَّ بالشهوات، وإنما حُفَّتْ بالمكاره، وإنما جهنم هي المحفوفة برغبات النفوس وأهوائها.

ومع هذا: لم يحصل بحمد الله ضرر، بل حصل مِنْ نصرة الدِّين وخُذْلان الكفار والمنافقين ما تَقَرُّ به أعين المؤمنين. ولم ينفرد علوج الدنمارك بحمد الله ببضائعهم، بل قد عَمَّتِ الخيراتُ بلادَنا وبلاد المسلمين من كل دولة وكل بلد، غير ما في بلاد المسلمين من خيرات تُغْنِيْهم عمَّا في بلاد أولئك المجرمين.

وإنما هذا المتكلم قد أعمى الله بصرَهُ وبصيرتَهُ، ومُلِئَ قلبُه نفاقا وحَنَقًا، فما يَسُرُّ المؤمنين لا يَسُرُّهُ وما يُؤْذِي الكفَّارَ لا يُؤْذيه، وإنما سروره وضرُّه فيما يَسُرُّ أعداء الدين وفيما يَضُرُّهم. فَلْيَمُتْ بغيظه فليس في المؤمنين المُمْتلئة قلوبُهم بحبِّ الله وحُبِّ رسوله صلى الله عليه وسلم، والذّبّ عن حماهما وشريعته مَنْ يُصْغِي إليه أذنا. غير أَنَّهُ أراد إلباس نفاقه لبوس الخشية على المسلمين ومصالحهم! فاستتر بثوب خَلِقٍ بَالٍ، لم يسترْ عورتَهُ! فقد نَبَّأَنَا اللهُ من أخبارهم ما أظهرَ لنا جَهْرَةً عوارَهم!.

فَصْلٌ

وبقي هنا أُمورٌ، مُبَشِّرَاتٌ وتنبيهاتٌ:

إحداها:

قال شيخ الإسلام في «الصارم المسلول» (ص117): (وإِنَّ الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسَبَّهُ، ومظهرٌ لدينه ولكذب الكاذب، إذ لم يُمْكِنِ النَّاسُ أَنْ يُقيموا عليه الحدَّ. ونظير هذا: ما حدَّثناه أعدادٌ من المسلمين العدول، أهل الفقه والخبرة عمّا جرَّبوه مَرَّاتٍ مُتعدِّدةٍ في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: «كنا نحن نحصر الحصن، أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر، وهو ممتنعٌ علينا، حتى نكادَ نيأسُ منه، إِذْ تعرَّضَ أهلُه لسَبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوقيعة في عرضه، فَعُجِّلْنَا فَتْحَهُ، وتَيَسَّرَ ولم يَكَدْ يتأخرْ إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفْتَحُ المكانُ عَنْوَةً، ويكون فيهم ملحمة عظيمة». قالوا: «حتى إِنْ كُنَّا لنتباشرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه صلى الله عليه وسلم، مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوه فيه». وهكذا حدَّثني بَعْضُ أصحابنا الثقات: أَنَّ المسلمين من أهل الغرب حالهم مع النصارى كذلك. ومِنْ سُنَّةِ الله: أَنْ يُعَذِّبَ أعداءَه تارةً بعذاب من عنده، وتارةً بأيدي عباده المؤمنين).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير