تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال (ص164): (ومِنْ سُنَّةِ الله: أَنَّ مَنْ لم يُمْكِنِ المؤمنون أَنْ يُعذِّبوه من الذين يؤذون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويكفيه إيّاه. كما قدَّمنا بَعْضَ ذلك في قصة الكاتب المفتري، وكما قال سبحانه (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الُمشْرِكِيْنَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الُمسْتَهْزِئِيْنَ). والقِصَّةُ في إهلاك الله واحدا واحدا من هؤلاء المستهزئين معروفة، قد ذكرها أهلُ السِّيَرِ والتفسير) اهـ.

الثّانية:

أَنَّ مع ما في طعن هؤلاء المحادّين من شَرٍّ وإغاظة للمؤمنين، إلا أَنَّ فيه خيرا عظيما، فقد أظهر هذا أمورًا خافيةً على كثير من الناس لعدم تدبّرِهم كتابَ رَبِّهم جلَّ وعلا.

ومِنْ تلك الأمور الحسنة:

1 - أنهم عرفوا حقيقة دعاوى كثير من الأدعياء لمحبَّة الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم، الواقفين مواقف الرّيبة من هذه الجريمة، إمّا بالسّكوت، أو التّبرير، أو التّهوين.

2 - وعرفوا عداءَ أولئك الصليبين للإسلام وأهله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أَنْ عَمِيَتْ أعينُ كثيرٍ من الناس عن ذلك، بتزيين أهل الأهواء والنفاق لأولئك. وإلا فإنَّ الله قد أخبر في كتابه مُحذِّرًا عبادَه المؤمنين منهم فقال: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). وقال: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ). وقال: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ).

3 - وعرفوا قوَّتهم، وكيف استطاعوا النيلَ من أعدائهم وإذلالهم، وتشتيتَ كلمتهم وتفريق أمرهم.

الثّالثة:

أَنَّ كُلَّ مُتكلِّمٍ بلسان الدّين أو أهله، بمسامحة أولئك الجناة المحادّين، أو مسامحة دولتِهم إِن اعتذرتْ أو اعتذرتْ صحيفتُها، ونشرتْ ذلك في كبرى الصحف أو في غيرها من وسائل الإعلام: فهو إِمَّا منافق، وإمَّا جاهلٌ مُركَّب. فالأول: معروفٌ سِرُّ سعيِه بالمسامحة! والثاني: تنازلَ وسامحَ في شيء ليس من حَقِّهِ، وليس الأمر فيه إليه، وقد قدَّمنا ذلك، فالمقاطعة ماضية لا غاية لها ولا نهاية.

الرَّابعة:

قد سَمَّى بَعْضُ أهل البدع والأهواء، غَضَبَ المؤمنين لنبيِّهم صلى الله عليه وسلم، واغتياظَهم ممّا نُشِرَ في حَقِّهِ «تقاليد تفرض على أولئك التقدّم باعتذار صريح ينشر في كبريات الصحف العربية»!.

وهذا باطلٌ من وجهَيْنِ: أحدهما: أَنَّ هذا شَرْعٌ من عند الله، دَلَّ عليه الكتاب والسّنّة والإجماع، ومَنْ لم تُحْدِثْ عنده تلك الأفعالُ غضبا ولا غيظا فليس بمؤمن. وليستْ تقاليدَ وأعرافًا إِنْ فُعِلَتْ أو تُرِكَتْ فالأمرُ فيها سيان! الآخر: أَنَّ الاعتذار من الحكومة أو الصحيفة ليس مُسْقِطًا لحقِّ الله جَلَّ وعلا، ولا حَقَّ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ولا حَقَّ المسلمين أجمعين. وليس حُكما من الله تبارك وتعالى في شاتمي رسوله صلى الله عليه وسلم والنائلين من جنابه الشَّريف. وإنما هو شَرْعٌ شَرَعَهُ ذلك الفاسدُ، مُضاهيًا به شَرْعَ الله وشَرْعَ رسولِه صلى الله عليه وسلم، مُنزلاً حُكْمَهُ هو مكانَ حُكْمِهما! ومُحاولةٌ منه فاشلةٌ: أَنْ يُظْهِرَ لأعداء الله مَخْرجًا مما وضعوا أنفسَهم فيه، وأَنْ يُظْهِرَ نفسَهُ لهم أَنَّهُ الدَّالُّ إليه والدَّليل عليه!.

الخامسة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير