2 - قال المحرر: (وأشار جمعة (يعني المفتي) ... إلى أهمّية توحيد الجهود الإسلامية المسيحية في مصر والعالم العربي ضد تيار الإلحاد في الغرب ,والذي يسخر بشدة من الأديان كافّة سواء المسيحية أو الإسلام أو حتى اليهودية من خلال أعمال درامية أو مقالات أو رسومات في الصحف وغيرها من وسائل التعبير).
أقول: وأنا أسأل المفتي عن توحيد الجهود الإسلامية المسيحية ... ضد تيار الإلحاد.
كيف يكون هذا التوحيد؟! وكيف تُوحَّد هذه الجهود الإسلامية المسيحية ضد الإلحاد؟!
وأسأله ما هو موقفنا من جمعيات القساوسة التي تطعن في الإسلام ورسول الإسلام عليه الصلاة والسلام؟!.
وما هو موقف هؤلاء المتوحدين من جمعيات التبشير والتنصير التي تنتشر في أرجاء العالم الإسلامي مشارقه ومغاربه - إلا ما شاء الله -؟!
ولعلَّ هؤلاء المنصّرين يبلغون الملايين، وإذا سخر شخصٌ ملحد أو غير ملحد من أسطورة "الصلب " أيجب على المسلمين أن يتوحَّدوا مع الصَّليبيين فيهبُّ الجميع للدفاع عن هذه العقيدة؟!.
وإذا طعن شخصٌ أو أشخاص أو صحفٌ في مظاهر الشرك في الكنائس أو طعن بحقٍ في عقيدة: " أنَّ عيسى هو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة " فهل على المسلمين وعلمائهم أن يذبُّوا عن هذه العقائد الباطلة باسم المقدسات؟!.
وهل يغضب النصارى إذا هاجم تيار الإلحاد الإسلام ونبي الإسلام؟!
وهل أنت متأكد أنَّ الصحف التي سخرت من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّها صحف تيار الإلحاد الذي يسخر من الإسلام ونبيِّه وأنَّها تسخر من الديانة النصرانية ورموزها؟!
أو أن هذه المقولة من ألاعيب النصارى خُدعتَ بها!
أما علمت أن كل الهيئات الحكومية في الدانمارك قد تضامنت - وهي نصرانية – مع الجريدة الساخرة من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
وأن الرأي العام الدانماركي قد تفاعل مع هذه الجريدة وهم نصارى لا ملحدين كما يزعمون؟!.
وهل اليهود مستعدون أن يُدافعوا عن الإسلام ونبي الإسلام؟!
لا يمكن أيُّها الشيخ أن يفعلوا شيئاً من ذلك إلاَّ أن يتخلَّوا عن يهوديتهم قال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) (المائدة: من الآية82).
فالذين وصفهم الله بهذا الوصف كانوا على النصرانية ثم أسلموا كما يدلُّ عليه سياق القرآن؛ وليس المراد النصارى المتعصبين لدينهم المعادين للإسلام.
أيُّها المُفتي: ألاَ ترى خطورة هذا الأسلوب على شباب المسلمين الذين يقدِّرونك ويعتبرونك من أئمة الإسلام الذين لا يقولون إلاَّ الحقَّ فيقعون في الإيمان بأخوة الأديان أو وحدة الأديان؟!
ويزداد الأسى أنَّ هذا المنحى الذي سار عليه مُفتي مصر قد سار عليه كثير من المؤسسات والكُتَّاب في صحف المسلمين.
وفي هذا الاتجاه من الأخطار والأضرار الكبيرة ما لا يعلمه إلاَّ الله، والفائدة من ورائه ضئيلة جداً إذا قيست بحجم الأضرار والمكاسب الكبيرة لأعداء الإسلام الذين لا يخسرون إلا الاعتذار إن حصل منهم, وهو حبر على ورق كما يُقال.
فالواجب على المسلمين أن يتمسَّكوا بدينهم وأن يعضُّوا عليه بالنَّواجذ ومن عنده منهم انحراف في عقيدته أو منهجه فليعد إلى الحق فإنَّ هذا هو أكبر نصرٍ للإسلام وأعظم نكايةً وغيظاً لأعدائهم وطريق للمسلمين إلى استعادة عزِّهم ومجدهم ومهابتهم.
3 - قال المفتي: " إنَّ هذه الأخطاء شخصية ولا يجب أن تعمم على كل أوروبا والعالم الغربي ".
- أقول: وهذه النتيجة غنيمة كبيرة على الأقل لحكومة الدانمارك إن لم تكن غنيمة لأوروبا كلها والغرب كله.
هذه هي النتيجة التي تمخضَّت عنها رحلة مفتي مصر والوفد المرافق له أن يُبرِّئ أوروبا والغرب من مسؤولية أكبر جريمة تُرتكب تحت سمع وبصر حكومة الدانمارك والنرويج وتحت سمع وبصر الرأي العام في الدولتين, رُغم صيحات المسلمين في أوروبا والعالم الإسلامي وتنديدهم بهذا العمل الإجرامي، والهُتاف بالمؤسسات والهيئات الدينية والسياسية للقيام باستنكار هذه الجريمة فتُقابل إمَّا بالرفض عن الاعتذار وأنَّ هذا العمل إنَّما يُعبِّر عن حرية الرأي وإمَّا بالسكوت وعدم المبالاة من كل هذه الجهات.
¥