فهذا هو موقف اليهود والنصارى من رسالات الإيمان والتوحيد؛ جعلوا من الأنبياء والدعاة إلى توحيد الله وعبادته وحده وإخلاص الدين له أبناءً لله تعالى الله وتنزه عن هذا الكفر والتنقص لله رب العالمين.
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فماذا تركوا للبوذيين والوثنيين؟!
وكذبوا محمداً ورسالته وجهدوا في إطفاء نور الله ولايزالون (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) وعلى رأسهم اليهود والنصارى.
فكيف تقرن هذه الديانات الكافرة بدين الله الحق ودين رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام؟!
ومما يؤسف له أن مفتي مصر يرى أن المسلمين لا يستطيعون الانتصار لرسول اللهصلى الله عليه وسلم إلا إذا ألصقت قضيته بالدفاع عن الأديان ومنها النصرانية واليهودية وإدخال قضية الرسول والإسلام تحت هذه العباءة.
يا مفتي مصر ليتك لم تذهب إلى ايرلندا وغيرها برفقة رئيس الكنيسة الأسقفية بمصر لتدعو إلى الدفاع عن الأديان الباطلة, ما هذا الدمج الغريب بين الإسلام والكفر والشرك.
الواجب أيها المفتي أن تأتي الوفود النصرانية دينية وسياسية إلى المسلمين لتعتذر إليهم من هذه الإساءة والسخرية من رسول الله أفضل الخلق لا أن يذهب مفتي مصر إليهم في ديارهم ليدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة المزرية التي تعترف بأخوة الأديان وتدافع عنها.
ألا تنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل هذه الصورة المزرية من الدفاع والأخذ بحقه , أين أنت من قول الله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) فالإسلام وحده هو دين الله , ألا تعلم أن القرآن مليء بذم اليهودية والنصرانية والحكم على أهلها بالكفر؟.
أين أنت من قول الله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)؟
أين أنت من قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
إن الواجب على مفتي مصر ومن يدور في فلكه من الكتّاب وغيرهم أن يدافعوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن رسالته وإكرامها وإبراز عظمتها ومكانتها وتميّزها عن الديانات الوثنية والمحرفة.
يجب أن يطالب المسلمون بحق الرسول وبحق الإسلام بطريقة إسلامية واضحة تنبع من القرآن والسنة , وأن يجتنبوا هذا الخلط الذي يفسد عقائد المسلمين ويقضي على الفوارق الكبيرة العظيمة بين الإسلام والكفر.
ولا يجوز لهم أن يفتحوا الأبواب للانتهازيين من العلمانيين واللبراليين ولليهود والنصارى أن يضللوا عوام المسلمين فيوقعوهم في الاعتقاد بأخوة الأديان الباطلة ومنها اليهودية والنصرانية.
ولا يجوز أن يمكنّ هؤلاء من نشر هذا الضلال في أوساط المسلمين وإقناعهم به.
ويجب أن يُبصَّر المسلمون بأن الإسلام وحده هو دين الله الحق وأنه ليس بعد هذا الحق إلا الضلال والكفر.
وأن الدعوة إلى حرية الأديان وأخوة الأديان أو وحدة الأديان إنما هي دعوة إلى الكفر وإلى إخراج المسلمين من دينهم.
إنها دعوة ماكرة ومكيدة للإسلام والمسلمين يرفضها القرآن والسنة النبوية كما يرفضها إجماع علماء الإسلام.
وكل الأديان لا تكنّ للإسلام والمسلمين إلا العداوة والبغضاء.
ومن واجب المسلمين ومن أصولهم وثوابتهم التي لا يجوز أن تُمَسّ هو اتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في معاداة وبغض الوثنيات وأهلها كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) إلى قوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) وهذه حقيقة ثابتة يعرفها ويعتقدها كل من المسلمين وأعداء الإسلام إلا من لُبِّس عليه.
وبعد معرفة حالهم كيف نتعامل معهم؟
نتعامل معهم في حدود ما شرعه الله:
1 – أن ندعوهم إلى الإسلام فنقول لهم كما قال الله تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64).
2– أن نعاملهم تجارياً فيما أباح لنا شرع الله من البيع والشراء والاقتراض الذي لا ربا فيه.
3 - أن تنشأ بيننا وبينهم علاقات سياسية في شكل سفارات من الجانبين.
4 - وأن نَفِي بالعهود التي تبرم بيننا وبينهم سواء كانوا أهل ذمة أو مستأمنين أو محاربين قام بيننا وبينهم عهد سلام، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً) وغير ذلك من الآيات والأحاديث في هذا الباب.
5 - وأن نعاملهم بالعدل فلا نظلمهم في مال ولا دم ولا عرض قال تعالى: (ولا يجر منكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا).
وما وراء ذلك مما يروج له اليوم بعض الناس وبعض الصحف وبعض المواقع من الدعوة إلى إخوة الأديان والدفاع عن مقدسات الأديان. . . الخ.
فالإسلام منه براء ويجب على علماء الإسلام أن يتصدوا له نصحاً لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين , وقياماً بالعهد الذي أخذه الله عليهم والأمانة التي حملوها.
اللهم أعزّ دينك وأعل كلمتك وانتصر لنبيك ودينك إنك على كل شيء قدير
اللهم وفق هذه الأمة للتمسك بدينها والاعتزاز به إنك سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
في 6/محرم/1427هـ
¥