تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأتوجه بهذه المناسبة إلى المنادين بمصطلح (نحن والآخر) والمطالبين بالتسامح مع الآخر الكافر وعدم إظهار الكراهية له، لأقول لهم: هذا هو الأخر الذي تطلبون وده وتتحرجون من تسميته بالكافر. إنه يرفض ودكم، ويعلن كراهيته لديننا ونبينا، وكتاب ربنا سبحانه فماذا أنتم قائلون؟! وهذا من عدونا غيض من فيض وصدق ربنا سبحانه إذ يقول في وصفهم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ" [(118) سورة آل عمران].

الوصية الرابعة:

إن من علامة صدق النصرة لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أن لا نفرق في بغضنا وغضبتنا بين جنس وآخر ممن آذى نبينا _عليه الصلاة والسلام_، وأساء إليه أو إلى دين الإسلام؛ بل يجب أن تكون غضبتنا لله تعالى وتكون عداوتنا لكل من أساء إلى ربنا أو ديننا أو نبينا _صلى الله عليه وسلم_ من أي جنس كان ولو كان من بني جلدتنا ويتكلم بألسنتنا. كما هو الحاصل من بعض كتاب الصحافة، والرواية، وشعراء الحداثة، والذين يلمحون تارة ويصرحون تارة أخرى بالنيل من أحكام ديننا وعقيدتنا، وإيذاء نبينا _صلى الله عليه وسلم_، بل وصل أذاهم وسبهم للذات الإلهية العلية تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا. فأين غضبتنا على هؤلاء، وأين الذين ينتصرون لله تعالى، ودينه، ورسوله _صلى الله عليه وسلم_ من فضح هؤلاء والمطالبة باقامة حكم الله فيهم ليكونوا عبرة لغيرهم؟ إن الانتصار من هؤلاء لا يقل شأناً من الانتصار ممن سب ديننا ونبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_ في دول الغرب الكافر يقول الله _عز وجل_ "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [(22) سورة المجادلة].

الوصية الخامسة:

يقول الله _عز وجل_: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" [(36) سورة الإسراء].

يقول الإمام أبن كثير _رحمه الله تعالى_ عند هذه الآية بعد أن ذكر أقوال أهل العلم: "ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم.بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ " [(12) سورة الحجرات]. وفي الحديث "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" وفي سنن أبي داود "بئس مطية الرجل زعموا" .... وقوله: "كل أولئك" أي هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد "كان عنه مسؤولا" أي سيسأل العبد عنها يوم القيامة وتسأل عنه وعما عمل فيها) أ. هـ.

وفي ضوء هذه الآية الكريمة وما ورد في معناها نخرج بمنهج عادل وقويم في التعامل مع الأحداث، والمواقف ينصحنا الله عز وجل به، حتى لا تزل الأقدام، وتضل الأفهام، وحتى لا يقع المسلم في عاقبة تهوره وعجلته. وذلك بأن لا ينساق وراء عاطفته، وحماسته الفائرة دون علم وتثبت مما رأى أو سمع فيقول بلا علم أو يتخذ موقفاً دون تثبت وتروي.

إن المسلم المستسلم لشريعة ربه سبحانه محكوم في جميع أقواله ومواقفه وحبه وبغضه، ورضاه وسخطه بما جاء في الكتاب والسنة من الميزان العدل، والقسطاس المستقيم. فإن لم يضبط المسلم عاطفته وحماسه بالعلم الشرعي والعقل والتروي فإن حماسته هذه قد تجره إلى أمور قد يندم على عجلته فيها.

والمقصود هنا التحذير من العجلة، والجور في الأحكام، والمواقف خاصة عندما تكثر الشائعات ويخوض فيها الخائضون بلا علم أو عدل. بل لابد من التثبت ومشاورة أهل العلم والشرع وأهل الفهم بالواقع.

ومن أمثلة هذه المواقف المتسرعة في هذا الحدث مما تناقلته بعض المطويات ورسائل الجوال من وجوب المقاطعة لبضائع كثيرة بعضها ليست من منتجات القوم المقصودين بالمقاطعة , ومن ذلك التسرع في الحكم على من لم يقاطع بأنه آثم لا يحب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وكما جاء في قول القائل (قاطع من لم يقاطع). ومن ذلك الإكثار من الرؤى و المنامات , والاستناد عليها في تصحيح موقف ما أو تخطئته.

وبعد: فهذا ما يسره الله _عز وجل_ من هذه الوصايا التي أخص بها نفسي وإخواني المسلمين في كل مكان؛ مع التأكيد على ضرورة الصمود و المصابرة في البراءة من القوم، ومقاطعة منتجاتهم فما كان في هذه الوصايا من صواب فمن الله _عز وجل_ فهو المان بذلك. وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله _عز وجل_ وأتوب إليه والحمد لله رب العالمين.

http://www.almoslim.net/articles/show_article_main.cfm?id=1326

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير