والتكبير الجماعي بصوت واحد متوافق، أو تكبير شخص ترد خلفه مجموعة: من البدع التي ينبغي على المسلم الحريص على اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتنابها والبعد عنها، أما الجاهل بصفة التكبير فيجوز تلقينه حتى يتعلم، فإن قيل: إن التكبير الجماعي سبب لإحياء هذه السنة، فإنه يجاب عليه: بأن الجهر بالتكبير إحياء للسنة، دون أن يكون جماعيًّا، ومن أراد فعل السنة، فإنه لا ينتظر فعل الناس لها، بل يكون أول الناس مبادرة إليها، ليقتدي به غيره.
السابع: الصيام:
عن حفصة (رضي الله عنها) قالت: (أربع لم يكن يدعهن النبي -صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة) (15). والمقصود: صيام التسع أو بعضها؛ لأن العيد لا يصام، وأما ما اشتهر عند العوام ولا سيما النساء من صيام ثلاث الحجة، يقصدون بها اليوم السابع والثامن والتاسع، فهذا التخصيص لا أصل له.
الثامن: الأضحية:
وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، وقال بعضهم كابن تيمية بوجوبها (16)، وقد أمر الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر: 2] فيدخل في الآية صلاة العيد، ونحر الأضاحي، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحافظ عليها، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحي (17).
التاسع: صلاة العيد:
وهي متأكدة جدًّا، والقول بوجوبها قوي (18) فينبغي حضورها، وسماع الخطبة، وتدبر الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل صالح.
يوم عرفة:
وقد زاد هذا اليوم فضلاً ومزية على غيره، فاستحق أن يخص بحديث مستقل يكشف عن أوجه تفضيله وتشريفه، ومن تلك الأوجه ما يلي:
أولاً: أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
روى البخاري (19): قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية، لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت، وأين أنزلت، وأين كان رسول الله حين أنزلت: يوم عرفة، إنا والله بعرفة، قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً)) [المائدة: 3]. وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل، فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم (عليه السلام)، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد. وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة، فلا تتم النعمة بدونها، كما قال الله لنبيه: ((لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ)) [الفتح: 2] (20).
ثانياً: أنه يوم عيد:
عن أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب) (21).
ثالثاً: أن صيامه يكفر سنتين:
قال عن صيامه: (يكفر السنة الماضية والباقية) (22).
رابعاً: أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار:
عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟) (23) قال ابن عبد البر: (وهو يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب، إلا بعد التوبة والغفران، والله أعلم) (24).
الأعمال المشروعة فيه:
أولاً: صيام ذلك اليوم:
ففي صحيح مسلم قال: ( ... صيام يوم عرفة أَحْتَسِبُ على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده ... ) (25). وصومه إنما شرع لغير الحاج، أما الحاج فلا يجوز له ذلك. ويتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات في ذلك اليوم، كما في حديث ابن عباس، وفيه: (إن هذا اليوم من مَلَك فيه سمعه وبصره ولسانه: غُفر له) (26). ولا يخفى أن حفظ الجوارح فيه حفظ لصيام الصائم، وحج الحاج، فاجتمعت عدة أسباب معينة على الطاعة وترك المعصية.
ثانياً: الإكثار من الذكر والدعاء:
¥