تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) (27)، قال ابن عبد البر: (وفي الحديث دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب، وأن أفضل الذكر: لا إله إلا الله) (28). قال الخطابي: (معناه: أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله (عز وجل)، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله (سبحانه وتعالى)، ويقدمه أمام مسألته، فسمي الثناء دعاء ... ) (29).

ثالثاً: التكبير:

سبق في بيان وظائف العشر أن التكبير فيها مستحب كل وقت، في كل مكان يجوز فيه ذكر الله (تعالى). وكلام العلماء فيه يدل على أن التكبير نوعان:

الأول: التكبير المطلق: وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار، ويبدأ بدخول شهر ذي الحجة، ويستمر إلى آخر أيام التشريق.

الثاني: التكبير المقيد: وهو الذي يكون عقب الصلوات، والمختار: أنه عقب كل صلاة، أيًّا كانت، وأنه يبدأ من صبح عرفة إلى آخر أيام التشريق (30).

وخلاصة القول: أن التكبير يوم عرفة والعيد، وأيام التشريق يشرع في كل وقت وهو المطلق، ويشرع عقب كل صلاة وهو المقيد.

يوم النحر:

لهذا اليوم فضائل عديدة: فهو يوم الحج الأكبر (31). وهو أفضل أيام العام؛ لحديث: (إن أعظم الأيام عند الله (تبارك وتعالى): يوم النحر، ثم يوم القرّ) (32) وهو بذلك أفضل من عيد الفطر، ولكونه يجتمع فيه الصلاة والنحر، وهما أفضل من الصلاة والصدقة (33).

وقد اعتبرت الأعياد في الشعوب والأمم أيام لذة وانطلاق، وتحلل وإسراف، ولكن الإسلام صبغ العيدين بصبغة العبادة والخشوع إلى جانب الفسحة واللهو المباح (34). وقد شرع في يوم النحر من الأعمال العظيمة كالصلاة، والتكبير، ونحر الهدي، والأضاحي، وبعض من مناسك الحج ما يجعله موسماً مباركاً للتقرب إلى الله (تعالى)، وطلب مرضاته، لا كما هو حال الكثير ممن جعله يوم لهو ولعب فحسب، إن لم يجعله يوم أشر وبطر، والعياذ بالله.

أيام التشريق:

وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر (35)، وهي التي عناها الله (تعالى) بقوله: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)) [البقرة: 203]، كما جاء عن ابن عباس (36)، وذكر القرطبي أنه لا خلاف في كونها أيام التشريق (37). وهي أيام عيد للمسلمين؛ لحديث: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى: عيدنا أهل الإسلام) (38). وقد نهي عن صيامها، وهي واقعة بعد العشر الفاضلة، فتشرف بالمجاورة أيضاً، وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها، ويدخل فيها يوم النحر، فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله (39). كما أن ثانيها وهو يوم القر، وهو الحادي عشر أفضل الأيام بعد يوم النحر، وهذه الأيام الأربعة هي أيام نحر الهدي والأضاحي على الراجح من أقوال أهل العلم؛ تعظيماً لله (تعالى)، وهذا مما يزيدها فضلاً، وهذه الأيام من أيام العبادة والذكر والفرح، قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله) (40)، فهي أيام إظهار الفرح والسرور بنعم الله العظيمة، وفي الحديث إشارة إلى الاستعانة بالأكل والشرب على ذكر الله، وهذا من شكر النعم (41). وذكر الله المأمور به في الحديث أنواع متعددة منها:

1 - التكبير فيها: عقب الصلوات، وفي كل وقت، مطلقاً ومقيداً، كما هو ظاهر الآية، وبه يتحقق كونها أيام ذكر لله (42).

2 - ذكر الله (تعالى) بالتسمية والتكبير عند نحر الهدي والأضاحي.

3 - ذكره عند الأكل والشرب، وكذا أذكار الأحوال الأخرى.

4 - التكبير عند رمي الجمار.

5 - ذكر الله (تعالى) المطلق (43).

هذه ذكرى، أسأل الله أن ينفع بها، وأعوذ بالله من أن يكون أهل البدع أجلد في بدعهم، وأنشط في باطلهم، من أهل الحق في فعل الخير والاستقامة على السنة.

كتبه: عبد الحكيم بن محمد بلال

للمزيد من المواضيع:

http://www.saaid.net/mktarat/hajj/h10.htm

============

الهوامش:

1) انظر: (مجالس عشر ذي الحجة) للشيخ / عبد الله بن صالح الفوزان.

2) تفسير ابن كثير، جـ4 ص505.

3) أخرجه البخاري، ح/969، و الترمذي، ح/757، واللفظ له.

4) أخرجه أحمد، جـ2ص75، 132، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.

5) فتح الباري، جـ2ص534.

6) انظر: المصدر السابق.

7) انظر: مدارج السالكين، جـ1 ص316، 317.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير