1 - القاضي عياض، قال: [الفتح 8/ 530]: " فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن، وإن كن مستترات، إلا ما دعت إليه ضرورة من براز".
2 - قال أبو جعفر الطحاوي [شرح معاني الآثار 2/ 392 - 393. انظر: الرد المفحم ص34]: "أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرّم عليهم من النساء، إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".
3 - قال ابن بطال [الفتح 1/ 10]: "فيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل. قال: فيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا، لإجماعهم على أن المرأة تبدي وجهها في الصلاة، ولو رآها الغرباء، وأن قوله: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} على الوجوب في غير الوجه".
- اعتراض، وجواب.
قال بعضهم: لما كان على الأمهات ستر شخوصهن، ولم يكن ذلك على سائر المؤمنات، صح حينئذ القول بأن ثمة حجاب خاص للأمهات، يفترق عن سائر المؤمنات، فإذا ثبت التفاوت، فالقول بأن الأمهات عليهن تغطية الوجه، دون غيرهن، فمن هذا الباب، فهذا أساس في المسألة.
ويقال: هذا المذهب باطل، يخالف الآثار، وهو مذهب القاضي عياض، وقد رده ابن حجر، حيث قال تعليقا على حديث الحجاب الآنف [الفتح 8/ 530]: "وفي الحديث من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين، قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن، وإن كن مستترات، إلا ما دعت إليه ضرورة من براز. ثم استدل بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها، وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها. انتهى.
وليس فيما ذكر دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن، وقد كن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن، وكان الصحابة من بعدهم يسمعون منهن الحديث، وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص، وقد تقدم في الحج قول ابن جريج لعطاء لما ذكر له طواف عائشة: أقبل الحجاب أو بعده؟، قال: قد أدركت ذلك بعد الحجاب".
وفي كل حال: هذه المسألة خارج محل النزاع، فليس النزاع في ستر الشخوص، بل في ستر الوجوه، فلو ثبت وجوب ستر الشخوص للأزواج واختصاصهن به، لم يكن ذلك دليلا على أن ستر الوجوه خاص به، بل قد يقال: هو دليل على عموم حكم غطاء الوجه، وإنما الذي اختصت به الأمهات ستر الشخوص.
- استطراد آخر: اعتراض، وجواب.
قال الشيخ الألباني في كتابه [الرد المفحم ص10]: "يزعم كثير من المخالفين المتشددين: أن الجلباب المأمور به في آية الأحزاب هو بمعنى الحجاب المذكور في الآية الأخرى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}، وهذا خلط عجيب، حملهم عليه علمهم بأن الآية الأولى لا دليل على أن الوجه والكفين عورة، بخلاف الآية الأخرى، فإنها في المرأة ودارها، إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا متخمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافا لما يفعله بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن، قد نبه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في الفتاوى 15/ 448: (فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن). قلت: فليس في أي من الآيتين ما يدل على وجوب ستر الوجه والكفين".
من هذا يتضح أن للشيخ رأيا خاصا في الآية، فهو يرى عموم حكمها جميع النساء، لكنه يخصها بالبيوت، وكأنه أعمل قاعدة: "خطاب الواحد يعم الجميع"، لكنه نظر إلى سياق الآية، فحكم بأنها في البيوت، دون الخارج، لكن في قوله ثمة إشكال مبني على مذهبه في جواز كشف الوجه، وهو: إذا كان يقصر آية الحجاب على المساكن، ويمنع دلالة آية الجلباب على تغطية الوجه، فمن أين أوجب على الأزواج التغطية؟!
¥