تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا المعنى تتابع المفسرون على حكايته في تفسير هذه الآية، فكلهم ذهبوا في قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}؛ أي يعرفن أنهن حرائر، بتغطية وجوههن وأجسادهن بالجلباب، حتى يتميزن عن الإماء، وبهذا يعرف أن الأمة لا يجب عليها حجاب وجهها، فالفرق بينهما ثابت بهذه الآية، وتظاهر المفسرين، من الصحابة والتابعين، على هذا التفريق، كما أنه قد ثبت في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب، قال الصحابة: "إن حجبها فهي امرأته، وإلا فأم ولد". رواه البخاري ومسلم [3].

الوجه الخامس: تفسير الجلباب بتغطية الوجه ورد عن جمع من الصحابة والسلف.

وبهذا المعنى جاءت الأقوال عن السلف، فقد روى ابن جرير في تفسيره [19/ 181]، فقال:

"حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}: أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن، من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة".

وروى أيضا فقال: "حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، عن عبيدة في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ .. }. فلبسها عندنا ابن عون، قال: ولبسها عندنا محمد، قال محمد: ولبسها عندي عبيدة. قال ابن عون: بردائه، فتقنع، فغطى أنفه وعينه اليسرى، وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه، أو على الحاجب".

وساق الأثر نفسه من طريق يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال سألت عبيدة عن قوله: الآية. قال: "فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه". [التفسير 19/ 181 - 182]

وفي الدر المنثور [5/ 415]: "وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} فرفع ملحفة كانت عليه، فقنع بها، وغطى رأسه كله، حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر، مما يلي العين".

فهذا قول جمع من السلف في صفة الإدناء: ابن عباس، وعبيدة السلماني، ومحمد بن سيرين، وابن عون، وابن علية، وغيرهم.

الوجه السادس: أقوال المفسرين في تفسير الإدناء بتغطية الوجه.

تظاهر المفسرون وتتابعوا على تفسير الإدناء في الآية بتغطية الوجوه والأبدان، ولم يمر بي مفسر قال إنها تدل على الكشف، غاية ما هنالك بعض الأقوال أن من صفته: ستر معظم الوجه. وهذه أقوال هؤلاء الأئمة:

1 - ابن جرير [19/ 181] قال: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين، لا يتشبهن بالإماء في لباسهن، إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ؛ لئلا يعرضن لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من القول". وهذا النص صريح في صفة إدناء نساء المؤمنين، وأنه يعم تغطية الوجه.

2 - قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن في تفسير الآية [5/ 245]: "في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن".

3 - قال: إلكيا الهراس في تفسيره [انظر: عودة الحجاب 3/ 184]: "الجلباب هو الرداء، فأمرهن بتغطية وجوههن ورؤوسهن، ولم يوجب ذلك على الإماء".

4 - قال الزمخشري في تفسيره الكشاف [3/ 274]: " ومعنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}، يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك. وذلك أن النساء كن في أول الإسلام على هجيراهن في الجاهلية، متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار، لا فصل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرضون إذا خرجن بالليل، إلى مقاضي حوائجهن في النخيل والغيطان، للإماء، وربما تعرضوا للحرة، بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة. فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الأردية والملاحف، وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن، ويهبن، فلا يطمع فيهن طامع،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير