تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والنشرة هي حل السحر عن المسحور، قال ابن القيم – رحمه الله -: " النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:

الأول: حل السحر بمثله والذي هو من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطله عمله عن المسحور 0

والثاني: بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز 0 ا هـ " 0

أما حكم النوع الأول: لا يجوز حل السحر بسحر مثله، وذلك بأن يطلب من الساحر نفسه أن يبطل عمله الذي هو السحر، فإن في ذلك إقرار له، وإبقاء لعمله، مع أن الواجب قتله متى عرف وتحقق أنه ساحر، فإن حده ضربة بالسيف، وكذا لا يجوز الذهاب إلى ساحر آخر لطلب حل ذلك السحر لما في ذلك من إبقائه وتقريره الذي هو كرضى بفعله، وعلى هذا يحمل قول الحسن البصري – رحمه الله – لا يحل السحر إلا ساحر، أي أن الساحر عمله وأحكمه بعمل شيطاني، فالثاني يعمل أيضاً عملاً شيطانياً إذا أتاه المنتشر الذي يطلب منه حل ذلك السحر، فيظهر من المسحور ضعف عزيمة، وقلة إيمان، فيعظم ذلك الناشر ويركن إلى كلامه، ويمتثل ما يقوله غالباً، ثم إن الناشر يتقرب إلى الشيطان بما يحب من المعاصي من دعائه وعبادته واستخدامه وطاعته بفعل المحرمات وترك الطاعات، فهناك يطيع ذلك الناشر ويخدمه بما يريد، ويخبره بموضع السحر، وقد يتمكن من إحضاره له وإبطاله، وتفريق ما عمله الساحر الأول، من جمع تلك القطع والمخلفات والعقد التي حصل بها إضرار المسحور، ولا شك أن في ذلك معصية وإقرار للسحرة على عملهم الشيطاني، وقد روى أحمد وعنه أبو داوود عن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة؟ فقال: (هي من عمل الشيطان) حسن الحافظ إسناده، وقال ابن مفلح: إسناده جيد 0 والمراد النشرة المعهودة في الجاهلية التي هي إتيان الساحر والكاهن والرغبة إليه حتى يستخدم جنوده من الشياطين والجن لإبطال ذلك العمل، فالشيطان الأول هو الساحر، والثاني هو شيطان الجن، فكلاهما عامل في إبطاله 0 ولذلك سئل الإمام أحمد عن هذه النشرة فقال: ابن مسعود يكره هذا كله، أي يكره ما هو من عمل الشيطان، ويكره التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، وذلك لأن من عمل الناشر أن يأمر المنتشر بتعليق بعض التعاويذ والتمائم للحماية من ذلك العمل، وهي تحتوي على شرك أو عمل شيطان أو طلاسم محرمة، وتارة يأمره بجعلها تحت الوسادة أو في المنزل، ولا يخلو ذلك من طاعة الشيطان، وهو غاية المطلوب 0

وأما حكم النوع الثاني: وهو الرقية والتعوذات القرآنية والأدعية المأثورة واستعمال الأدوية المباحة، فهذا جائز كما ذكره ابن القيم، وعلى هذا يحمل ما رواه البخاري عن قتادة قال: قلت لابن المسيب: رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه 0 وفي رواية إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع 0 والمراد بالطب هنا السحر، كني بالطب عن السحر تفاولاً بالطبيب، ومعنى قوله: أو يؤخذ عن امرأته: أي لا يقدر على وطئها، بحيث تبطل شهوته إذا قرب منها، وقوله: لا بأس به، محمول على الحل بالرقية الشرعية، والتعوذات والأدوية النافعة على ما ذكره ابن القيم، ولا يجوز يظن بابن المسيب أنه يبيح الإتيان إلى السحرة لحل السحر، فإن ذلك حرام، لما فيه من تشجيعهم وإقرارهم على ما هو شرك وكفر، فأما العلاج بالرقية الشرعية فإنه مباح، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) (حديث صحيح - انظر صحيح الجامع 1048 - السلسلة الصحيحة 1066)، وقال: (من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه) (حديث صحيح - أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، أنظر صحيح الجامع 6019 - السلسلة الصحيحة 472) وقد ذكرنا في علاج السحر بعض ما نقل عن العلماء في حل السحر بالآيات والأدعية المأثورة، فإن تأثير السحر إنما هو بواسطة الجن والشياطين، وما يعمله الساحر من التقرب إلى الشيطان بما يحب حتى يعينه على عقد السحر أو منع الرجل من امرأته، فمتى عولج بكلام الله تعالى ودعائه، بطل عمل الشيطان، ولكن ذلك يستدعي كون القارئ من أهل الصلاح والاستقامة، والبعد عن المعاصي وعن أكل الحرام، وقد اشتهر عن بعض العلماء المصلحين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير