(وقال قتادة قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه) (أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، أنظر فتح الباري - 10/ 232) 0
والسؤال كما ورد على لسان قتادة لا يحتمل كل ما ذكره الكاتب، إن قتادة يسأل سعيد بن المسيب عن رجل مسحور أو مربوط هل يفك سحره أم لا؟ هل يحاول أن يلجأ إلى طرق مشروعة لفك السحر أم يترك الأمر كما هو لأن هذا قضاء الله فيه؟
وجاءت الإجابة: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه 0 أما أن يبيح اللجوء إلى السحرة فهي عملية في غاية الخطورة لسببين:
الأول: إن ذهاب المسلم للسحرة لفك سحره يعني عجز الإسلام عن أن يقدم حلا لهذه المشكلة 00 وعجز الإسلام يعني نقصان هذا الدين، والإسلام دين كامل متكامل 00 وإباحة اللجوء إلى السحرة تعني أن قدرة الساحر فوق قدرة الله، ومعاذ الله أن تداني قدرة المخلوق قدرته 0
إن من يبيح ذلك لم يقرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) (حديث صحيح - أنظر صحيح الجامع 5939) 0
الثاني: هذه الإباحة نوع من الهروب من مواجهة الحقائق 0 كما أنها تحمل صاحبها آثاما وذنوبا لا قبل له بها 00 لأنه لو علم ما يدور عند السحرة من زنا وشرب خمر وكذب وافتراء ما نطق لسانه بهذا الكلام 0
لو علم أنه من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لو علم ذلك لراجع ما يكتبه مرات ومرات، وعرضه على أحاديث سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم 0
يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له أو تسحر أو تسحر له) (حديث صحيح - أنظر صحيح الجامع 5435 - السلسلة الصحيحة 2195) إنه أمر في غاية الخطورة، ولذلك يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بقوله: " ليس منا " ففك السحر باللجوء إلى السحرة هو نوع آخر من السحر، والحرمة تقع على من ذهب إلى الساحر، وعلى من أرسله وعلى من أباح له أن يفعل ذلك، وبالطبع على الساحر أيضا 0
ولذلك بدأوا يشيعون في الناس فرية تكاد السماوات يتفطرن منها وتخر الجبال هدا - إذ يزعمون أن القرآن لا يفك السحر، أو لا يصلح لفك كل ألوان السحر، وكذبا قالوا، وكفرا نطقوا 0
فما أدراهم ما القرآن؟
إنه كلام رب العالمين، كلام من يقول للشيء كن فيكون، إن التشكيك فيه هو تشكيك في قدرة الله سبحانه وتعالى 0
إنها عبارة أطلقها شيطان مارد، وتلقفتها ألسنة الجهلاء ورددوها دون وعي أو فهم 00 ونقول لهؤلاء وأولئك:
إن لم يكن القرآن قادرا على فك السحر، فأي كتاب يمكن أن يفك السحر إذن؟!
إن لم يكن القرآن قادرا على شفاء المرضى، فأي كتاب يمكن أن يشفيهم؟!
إن لم يكن النور قادرا على أن يمحو دياجير الظلام، فأي بصيص يمكن أن يمحوها؟
إن الذين يظنون ذلك ليسوا من أهل القرآن، ولا يعرفون عنه أي شيء، هذا الكتاب المعجز الذي يقول عنه ربنا تبارك وتعالى: " لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " سورة الحشر – الآية 21 ") (البديل الإسلامي لفك السحر – بتصرف 40، 43) 0
تقول الدكتورة آمال يس عبدالمعطي البنداري المدرسة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة في الرد على من أجاز حل السحر بسحر مثله
(أولاً: ما ورد عن سعيد بن المسيب من جواز قصد الساحر لحل السحر، لا يظن به أن يفتي بذلك، وحاشاه منه، لأنه لا إصلاح في السحر بل كله فساد وكفر، وكيف يقصد الساحر الكافر المأمور بقتله ليحل السحر! 0
ثانياً: قول الإمام أحمد: لا أدري ما هذا، صريح في النهي عن النشرة على الوجه المكروه، وكيف يجيز قصد الساحر لحل السحر وهو الذي روى حديث: (إنها من عمل الشيطان)، ولكن لما كان لفظ النشرة مشتركاً بين الجائزة والتي من عمل الشيطان ورأوه قد أجاز النشرة ظنوا أنه قد أجاز التي من عمل الشيطان وحاشاه من ذلك 0
وعلى فرض التسليم بأنه يرى لا بأس بحل السحر على يد الساحر فالعبرة روايته لا رأيه 0
¥