تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وقفة مع مشاريع الأضحية خارج البلاد]

ـ[أبو فيصل.]ــــــــ[09 - 01 - 06, 02:42 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .. أما بعد:

فإن الأضحية عبادة من أجل العبادات وأفضل الطاعات وهي سنة مؤكدة على الصحيح من قولي العلماء ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع ولعظم هذه الشعيرة قرنها الله بالصلاة في آيات من كتابه فقال –تعالى-: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) وقال-تعالى-: (فصل لربك وانحر)،وقد شرعت هذه العبادة لحكم ومقاصد عظيمة من أَجَلِّها: التقرب إلى الله بالذبح وإراقة الدماء، وهذا هو المقصود الأعظم منها؛ لقوله –تعالى-: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) [الحج37].،وهي شعيرة من شعائر المسلمين لا بد من إظهارها بينهم، وفي الآونة الأخيرة كثر وفشى بين أهل هذه البلاد-أعزها الله بطاعته- المشاريع المطروحة من قبل الجمعيات الخيرية التي تقوم بأخذ قيمة الأضحية وتتولى شراءها وذبحها بعيداً عن بلد المضحي، ولا يخفى على ذوي العلم والبصيرة خطر هذه الفكرة والدعاية لها،وذلك لما تتضمنه من مفاسد ومحاذير شرعية من أهمها:

أولاً: غياب هذه الشعيرة –التي حقها أن تظهر وتشهر-عن البلاد؛ فإنه مع مرور الزمن،وقوة دعاية هذه الجمعيات،ومع تكاسل الناس عن القيام بهذه الشعيرة،أضف إلى ذلك قلة قيمة الأضحية الخارجية والفرق بينها وبين الأضحية البلدية كل هذه أسباب متظافرة لزوال هذه العبادة وغيابها عن أعين أهل البلد، وبهذا يضيع من السنن الشيء الكثير وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله: "ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة " رواه الإمام أحمد (17011).

ثانياً: من مفاسد هذه الفكرة ترك الأكل من الأضحية التي أمر الله المضحي بالأكل منها كما في قوله –تعالى-: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) [الحج28].،وقد قال بعض أهل العلم بوجوب الأكل منها،وجمهور العلماء على استحباب الأكل منها،فيفوِّت المضحي خارج البلد على نفسه هذه السنة بل يأثم على قول من أوجب الأكل منها.

ثالثاً: أنه يخشى أن يكون هذا من الإحداث والابتداع في دين الله؛ لأنه خلاف السنة،وخلاف عمل سلف الأمة،فهذه العبادة شرعت على وجه معلوم بينته السنة،فلا تغير وتبدل عن وجهها المشروع،وقد جاء في الحديث المتفق على صحته: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ولمسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".

وأنقل بعد هذا فتوى عالمين جليلين بينا خطر هذه الفكرة وعدم صحتها وسلامتها، فيقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين-رحمه الله-: ( ... الأضاحي عبادة محددة معينة لأنه لو كان المقصود الانتفاع باللحم لكان الإنسان يشتري لحماً ويتصدق به يوم العيد، أهم شيء الذبح لله-عز وجل- كما قال –تعالى-: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) [الحج37].،ثم إنك إذا أخرجت دراهم ليضحى عنك في بلاد أخرى فقد خالفت أمر الله؛ لأن الله-تعالى- قال: (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير) [الحج28].،وهل يمكن أن تأكل منها وهي تضحى في الصومال؟ .. لا،إذن خالفت أمر الله،وقد قال كثير من العلماء: "إن الأكل من الأضحية واجب يأثم الإنسان بتركه"،وبهذا نعرف أن الدعوة إلى استجداء الدراهم ليضحى في خارج البلاد دعوة غير سليمة،وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساهم في ذلك بل يضحي في بيته وعند أهله،وتظهر شعائر الإسلام في البلاد،ومن أراد أن ينفع إخوانه في أماكن محتاجة فلينفعهم بالدراهم والثياب وغير ذلك، أما شعيرة من شعائر الإسلام يتقرب إلى الله بذبحها والأكل منها فإنه لا ينبغي أبداً أن يفرط الإنسان بها ... ) أ. هـ كلامه. [شريط/أحكام الحج/الوجه الأول].

وقال شيخنا العلامة صالح الفوزان –سلمه الله-: (وأما ما أحدثه بعض الناس من دفع ثمن الأضحية للجمعيات الخيرية لتذبح خارج البلد وبعيداً عن بيت المضحي،فهذا خلاف السنة وهو تغيير للعبادة، فالواجب ترك هذا التصرف وأن تذبح الأضاحي في البيوت وفي بلد المضحي كما دلت عليه السنة، وكما عليه عمل المسلمين من عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- حتى حصل هذا الإحداث،فإني أخشى أن يكون بدعة،وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"،وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور،فإن كل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة"،ومن أراد أن يتصدق على المحتاجين فباب الصدقة مفتوح،ولا تغير العبادة عن وجهها الشرعي باسم الصدقة) أ. هـ كلامه. [مجلة الدعوة/العدد1878].

ونسأل الله السداد في القول والعمل، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر في: 8/ 12/1425هـ

(((منقول)))

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير