فقال تعالى: {و منهم الذين يؤذون النبي و يقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و رحمة للذين آمنوا منكم و الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} (61) التوبة.
قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتّبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا} (115) النساء.
قال تعالى: {إن الذين كفروا و صدوا عن سبيل الله و شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا و سيحبط أعمالهم} (32) محمد.
ولكن السنة الكونية أن هناك أعداء له صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} (112) الأنعام.
قال تعالى: {و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين و كفى بربك هاديا و نصيرا} (31) الفرقان.
ثانيا: حكم السب ومناطه:
قال ابن تيمية في الصارم المسلول ج: 3 ص: 978 ... وما بعدها:
قال القاضي عياض " جميع من سب النبي أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشئ على طريق السب له والإزراء عليه أو البغض منه والعيب له فهو ساب له و الحكم فيه حكم الساب يقتل ولا نستثن فصلا من فصول هذا الباب عن هذا المقصد ولا نمتر فيه تصريحا كان أو تلويحا وكذلك من لعنه أو تمنى مضرة له أو دعا عليه أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عيبه في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزورا أو عيره بشئ مما يجري من البلاء والمحنة عليه أو غمضه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه قال هذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن أصحابه وهلم جرا. .
وقال ابن القاسم عن مالك من سب النبي قتل ولم يستتب قال ابن القاسم أو شتمه أو عابه أو تنقصه فانه يقتل كالزنديق وقد فرض الله توقيره وبره , وكذلك قال مالك في رواية المدنيين عنه من سب رسول الله أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل مسلما كان أو كافرا ولا يستتاب, وروى ابن وهب عن مالك من قال إن رداء النبي ويروى إزاره وسخ وأراد به عيبه قتل , وذكر بعض المالكية إجماع العلماء على أن من دعا على نبي من الأنبياء بالويل أو بشيء من المكروه انه يقتل بلا استتابة.
وذكر القاضي عياض أجوبة جماعة من فقهاء المالكية المشاهير بالقتل بلا استتابة في قضايا متعددة أفتى في كل قضية بعضهم منها رجل سمع قوما يتذاكرون صفة النبي إذ مر بهم رجل قبيح الوجه واللحية فقال تريدون تعرفون صفته هي صفة هذا المار في خلقته ولحيته , ومنها رجل قال النبي كان اسود , ومنها رجل قيل له لا وحق رسول الله فقال فعل الله برسول الله كذا قيل له ما تقول يا عدوا الله فقال اشد من كلامه الأول ثم قال إنما أردت برسول الله العقرب قالوا لا يقبل لأن إدعاءه للتأويل في لفظ صراح لا يقبل لأنه امتهان وهو غير معزر لرسول الله ولا موقر له فوجبت إباحة دمه , ومنها من قال إن سألت أو جهلت فقد سأل النبي وجهل , ومنها متفقه كان يستخف بالنبي ويسميه في أثناء مناظرته اليتيم ويزعم أن زهده لم يكن قصدا ولو قدر على الطيبات لأكلها وأشباه هذا.
قال عياض فهذا الباب كله مما عده العلماء سبا وتنقصا يجب قتل قائله لم يختلف في ذلك متقدمهم ومتأخرهم وان اختلفوا في حكم قتله.
وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه فيمن تنقصه أو برئ منه أو كذبه انه مرتد وكذلك قال أصحاب الشافعي كل من تعرض لرسول الله بما فيه استهانة فهو كالسب الصريح فان الاستهانة بالنبي كفر وهل يتحتم فيه قتله أو يسقط بالتوبة على الوجهين.
وقد نص الشافعي على هذا المعنى ..
فقد اتفقت نصوص العلماء من جميع الطوائف على أن التنقص به كفر مبيح للدم ...
ولا فرق في ذلك بين أن يقصد عيبه والازراء به أو لا يقصد عيبه لكن المقصود شيء آخر حصل السب تبعا له أو لا يقصد شيئا من ذلك بل يهزل ويمزح أو يفعل غير ذلك فهذا كله يشترك في هذا الحكم إذا كان القول نفسه سبا فان الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها في النار ابعد مما بين المشرق والمغرب ..
ومن قال ما هو سب وتنقص له فقد أذى الله ورسوله وهو مأخوذ بما يؤذي به الناس من القول الذي هو في نفسه أذى وان لم يقصد أذاهم ...
¥