ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:44 م]ـ
فصل
(من مؤلفات التليدي ومواقفه الفكرية)
اعلم بارك الله فيك أن المؤلف ذكر في (ص73، و74) عن الشيخ التليدي حفظه الله وبارك فيه، انعزاله عن الناس، وتركه الدخول في المنتديات العامة والإدارات، وترك الإجابة للمحاضرات العامة والكتابة في الصحف والمجلات.
وهو بذلك يظهره كأنه منعزل انعزالا تاما عن أوضاع المسلمين العامة.
والصحيح: أن الشيخ، حفظه الله، لقوة غيرته الإيمانية، وأخذه بالاحتياط لدينه تشبها بكثير من أيمة السلف الصالح، يرى طغيان العلمانيين منذ استقلال المغرب سنة 1376هـ، إلى الآن، وسيطرتهم على البلاد، فأخذ بأحاديث العزلة وترك مخالطة الظالمين مخافة مشاركتهم في باطلهم والدخول معهم في معاصيهم ومروقهم من الدين.
وقد رأى ما حل بغالب علماء المغرب من تفرنجهم وضياع أبنائهم، بل وانسلاخهم من دينهم، وأصبح كثير منهم حلفاء بلعام بن باعوراء، وأضحى أبناؤهم نوابا عن فرعون وهامان وقارون وأبي جعل. والأمر لله تعالى. وما عدت ترى من يغير منكرا أو يعرف معروفا، والفاضل منهم من عرف الحق في نفسه، وهمس به لجليسه. فإلى الله المشتكى.
غير أن الشيخ كانت له مشاركات هامة مع بعض المخلصين والدعاة الصادقين.
فمن ذلك: مشاركته لجماعة من علماء المغرب سنة 1411هـ في إصدار فتوى جليلة تحرم الاستنجاد بالقوات الأمريكية الصليبية لمحاربة العراق. وقد كانت فتوى قوية نشرتها الصحف، وفرح بها المسلمون. وكان الذي تزعم ذلك عمنا العلامة المجاهد الشريف إدريس بن محمد بن جعفر الكتاني، بارك الله في عمره.
والعجب آنذاك؛ أن الاشتراكيين الذين كانوا في المعارضة نشروا تلك الفتوى وشهروها في جريدتهم، وأعلنوا تضامنهم وتأييدهم لها.
ومن نشاطاته: مشاركته في المظاهرة الكبيرة التي خرجت في شوارع الرباط سنة 1420هـ، تأييدا لانتفاضة الأقصى إثر تدنيس الطاغية آرييل شارون للمسجد الأقصى. وكان في الصفوف الأولى مع قيادة جماعة "العدل والإحسان". وقال لنا إذذاك: "إن هذا نوع من أنواع الجهاد".
ومن ذلك: مشاركته سنة 1421هـ لثلة من علماء المغرب أيضا في الفتوى التاريخية التي تحرم الدخول في التحالف الأمريكي الصليبي ضد المسلمين في أفغانستان وغيرها فيما يسمى بـ "الحرب على الإرهاب"، وبيان أن ذلك موالاة كبرى للكافرين ضد المسلمين. وهي ردة بإجماع المحققين من علماء المسلمين مالكية وغيرهم.
وقد قادها أيضا عمنا الدكتور إدريس الكتاني، حفظه الله، وأيدها مئات من مثقفي المغرب من علماء وبرلمانيين وأساتذة جامعات وغيرهم، من الرجال والنساء، في بيان نشروه. وأيضا وافقها جماعة من الاشتراكيين والعلمانيين المخلصين لمبادئهم ولأمتهم، لا الذين تدور بهم الأهواء حسب المصالح الآنية.
غير أن بعض الصحف زعمت أنه تنازل عن توقيعه وتبرأ من الفتوى، فلما استفسرنا الشيخ قال: "إنما سألوني عن موقفي من إرهاب الناس فرفضت ذلك مجملا" ..
قلت: ليت الشيخ كذب تلك الصحف، فإن هذا من أعظم الجهاد، وهو كلمة حق في عين مكانها، وهو أولى الناس بها. وله في الإمام مالك ثم الإمام أحمد وقبلهما في الإمام أبي حنيفة رحمهم الله أجمعين خير قدوة.
كما أننا في محنتنا التي نحن فيها كنا كنا ننتظر تأييدا وانتصارا لنا من علماء المغرب، مع ما يعرفونه عنا من خير واستقامة في المنهج، لكن لم نجد شيئا من ذلك. وإلى الله المشتكى، فلنا في أيمة آل البيت عليهم السلام خير أسوة وعزاء.
فقد مات الإمام عبد الله بن الحسن، الكامل المحض، هو وجماعة من خيار آل بيته في سجون أبي جعفر العباسي.
ومات ابنه الإمام يحيى بن عبد الله، أخو الإمام إدريس فاتح المغرب، في سجون هارون "الرشيد"، وكذلك مات الإمام موسى بن جعفر، الكاظم، في سجون هارون ظلما وعدوانا. سلام الله عليهم أجمعين، وبركاته تترى على ضرائحهم ... آمين.
فصل
¥