والحمد لله أنني لست ببدع فيما حدث لي، فقد اتهم ابن معين بغيبة العلماء، وكذلك يحيى بن سعيد القطان رحمهما الله. فقال: "لأن يكونوا خصمائي يوم القيامةخير من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول لي: لمَ لمْ تذب عن سنتي؟! ".
ونال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى عنتٌ من بعض من عاصره لكونه ترجم لهم بما يعلم عنهم، واتهمه ابن المرابط الغرناطي بغيبة الناس، لكون علم الجرح والتعديل في نظره ما عاد له سبب بعد أن دونت السنة ... إلى غير ذلك.
-يتبع-
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 01 - 06, 09:08 م]ـ
الوقفة الرابعة: المناقشة المفصلة لكلام المؤلف
قال المؤلف: "وممن ترجم لشيخ شيخنا: سيدي أحمد رحمه الله، على هذه الطريقة البائدة: الأستاذ الحسن بن علي الكتاني غفر الله له".
قلت: أسأل الله أن يغفر لي ولك أيضا، ولجميع إخواننا المسلمين، لكن: أين رأيت دراستي (بائدة)؟، وماذا تعني بذلك؟. فإن هذه الكلمة في غير موضعها.
فإن كنت تعني أن طريقة ذكر المحاسن والأخطاء والموازنة بينهما طريقة بائدة، أي: انتهت وبادت؛ فهذا غير صحيح، فمازال الناس يُعملونها، وهي سنة المنصفين من أهل السنة والأثر.
وإن كنت تعني أنها يجب أن تبيد، أي: تفنى، فما دليلك على هذا؟!، وأنت طالب حديث وسنة وأثر تعلم طريقة القوم ومنهاجهم.
فصل
ثم نقل كلامي وفيه: "وهو صوفي يؤمن بالخرافات من الكرامات المزعومة وما لا يصدقه عقل، مع دفاعه عن القبورية وأصحابها وسائر مراسيمها من توسل واستغاثة وسائر مظاهر الشرك".
ثم علق قائلا: "فكيف يجرؤ هذا الكتاني على نسب الشرك إلى إمام من أئمة التوحيد في العصر الحديث؟ ". اهـ.
قلت: قد طففتَ أيها الأخ الكريم، وقد جاء في "الموطأ" عن بعض السلف أن لكل شيء وفاء وتطفيفا. وقد كان عليك أن تنقل كلامي كله حتى يتبين للقاريء أني مدحت الشيخ وذكرته بأفضل النعوت، فلما تكلمت عن عقيدته ومنهجه كان لزاما علي أن أبين ذلك بوضوح.
ولو كان ابن الصديق سلفيا أو أشعريا أو ماتريديا أو معتزليا لاكتفيت بذلك، لأنه وصف معروف عند أهل العلم.
ولكن ابن الصديق كان نسيج وحده في منهاجه، يوافق كل طائفة في شيء ويخالفها في أشياء. ولا يكتفي بذلك حتى يهاجم كل طائفة فيما خالفها فيه، وقد بينت أن ذلك هو الذي جلب عليه كثرة الأعداء لأنه خالف الجميع.
إلا أنه من العجيب فيه: هو أنه ثار على جميع الأوضاع القائمة في المناهج العقيدية والمذهبية، إلا التصوف فإنه أبقاه على ما وصل إليه في القرون المتأخرة، بل إنه نبذ التقليد في العقائد، فقال: "إن السني الأثري ليس في العقائد أشعريا ولا ماتريديا ولا حنبليا، كما أنه ليس مالكيا ولا حنفيا ولا شافعيا ولا حنبليا ... " إلخ.
ولكنه لم يقل: ولا في السلوك والتصوف شاذليا ولا قادريا ولا نقشبنديا .. إلخ، بل أبقى الطريقة الصديقية الدرقاوية الشاذلية، وحاول تصحيح سندها في "البرهان الجلي".
وهذا هو الذي نعاه عليه الهلالي في كتابه "الدعوة إلى الله"، والألباني في "تحذير الساجد".
وهو الذي استدركه الشريف محمد الزمزمي رحمه الله تعالى، فنبذ الطرقية كما نبذ المذهبية.
أما أنا، فأقول كما قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (3/ 416): "والله قد سمانا في القرآن المسلمين المؤمنين عباد الله، فلا نعدل عن الأسماء التي سمانا الله بها إلى أسماء أحدثها قوم وسموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان. بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها مثل: انتساب الناس إلى إمام كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، أو إلى شيخ كالقادري والعدوي ونحوهم، أو مثل الانتساب إلى القبائل كالقيسي واليماني، وإلى الأمصار كالشامي والعراقي والمصري، فلا يجوز أن يمتحن الناس بها، ولا يوالى بهذه الأسماء ولا يعادى عليها. بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان". اهـ.
وكما قال في (3/ 229) من "الفتاوى" كذلك: "مع أني في عمري إلى ساعتي هذه لم أدع أحدا قط في أصول الدين إلى مذهب حنبلي وغير حنبلي، ولا انتصرت لذلك، ولا أذكره في كلامي، ولا أذكر إلا ما اتفق عليه سلف الأمة وأيمتها". اهـ.
وقد كان أبي – رحمه الله – يقول لي ما قال الإمام مالك: "أهل السنة من لا اسم لهم سوى السنة".
¥