ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 11 - 02, 12:30 ص]ـ
أخي الفاضل، يمكنك مراجعة التفاسير في أوائلها عند الكلام على سورة الفاتحة، مثل تفسير القرطبي وأي حيان، وغيرهم
وقد خالف ابن حزم حيث قال رحمه الله كما في الفصل في الملل ج: 5 ص: 20
وأما قولهم أن الاسم مشتق من السمو وقول بعض من خالفهم أنه مشتق من الوسم فقولان فاسدان كلاهما باطل افتعله أهل النحو لم يصح قط عن العرب شيئا منهما وما اشتق لفظ الاسم قط من شيء بل هو اسم موضوع مثل حجر وجبل وخشبة وسائر الأسماء لا اشتقاق لها وأول ما تبطل به دعواهم هذه الفاسدة أن يقال لهم قال الله عز وجل (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) 0
فصح أن من لا برهان له على صحة دعواه فليس صادقا في قوله (فهاتوا برهانكم) على أن الاسم مشتق من السمو أو من الاسم
وإلا فهي كذبة كذبتموها على العرب وافتريتموها عليهم أو على الله تعالى الواضع للغات كلها وقول عليه تعالى أو على العرب بغير علم
وإلا فمن أين لكن أن العرب اجتمعوا فقالوا نشتق لفظة اسم من السمو آو من الوسم والكذب لا يستحله مسلم ولا يستسهله فاضل ولا سبيل لهم إلى برهان أصلا بذلك وأيضا فلو كان الاسم مشتقا من السمو كما تزعمون فتسمية العذرة والكلب والجيفة والقذر والشرك والخنزير والخساسة رفعة لها وسمو لهذه المسميات وتبا لكل قول أدى إلى هذا الهوس البارد
وأيضا فهبك أنه قد سلم لهم قولهم أن الاسم مشتق من السمو أي حجة على أن الاسم هو المسمى بل هو حجة عليهم لأن ذات المسمى ليست مشتقة أصلا ولا يجوز عليها الاشتقاق من السمو ولا من غيره فصح بلا شك أن ما كان مشتقا فهو غير ما ليس مشتقا والاسم بإقرارهم مشتق والذات المسماة غير مشتقة فالاسم غير الذات المسماة وهذا يليح لكل من نصح نفسه أن المحتج بمثل هذا السفه عيار مستهزئ بالناس متلاعب بكلامه ونعوذ بالله من الخذلان
قال أبو محمد وهذا قول يؤدي من اتبعه وطرده إلى الكفر المجرد لأنهم قطعوا أن الاسم مشتق من السمو وقطعوا أن الاسم هو الله نفسه فعلى قولهم المهلك الخبيث أن الله يشتق وأن ذاته مشتقة وهذا ما لا ندري كافرا بلغه والحمد لله على ما من به من الهدى وأيضا فإن الله تعالى يقول (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) إلى قوله تعالى (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم)
قال أبو محمد فلا يخلو أن يكون الله عز وجل علم آدم الأسماء كلها كما قال عز وجل أما بالعربية وأما بلغة أخرى أو بكل لغة فإن كان عز وجل علمه الأسماء بالعربية فإن لفظة اسم من جملة ما علمه لقوله تعالى الأسماء كلها ولأمر تعالى آدم بأن يقول للملائكة أنبئوني بأسماء هؤلاء فلا يجوز أن يخص من هذا العموم شيء أصلا بل هو لفظ موقف عليه كسائر الأسماء ولا فرق وهو من جملة ما علمه الله تعالى آدم عليه السلام إلا أن يدعوا أن الله تعالى اشتقه فالقوم كثيرا ما يستسهلون الكذب على الله تعالى والإخبار عنه بما لا علم لهم به
فصح يقينا أن لفظة الإسم لا اشتقاق لها وإنما هي اسم مبتدأ كسائر الأسماء والأنواع والأجناس وإن كان الله تعالى علم آدم الأسماء كلها بغير العربية فإن اللغة الغربية موضوعة للترجمة عن تلك اللغة بدل كل اسم من تلك اللغة اسم من العربية موضوع للعبارة عن تلك عليه السلام غيره لأنها أخبرت أنها لا تهجره وإنما تهجر اسمه رضوان الله وهي ليست الفصاحة في دون لبيد وهي أولى بأن تكون حجة من لبيد فكيف وقول لبيد حجة عليهم لا لهم والحمد لله رب العالمين) انتهى
وهذا كلام شاذ لابن حزم رحمه الله، ينكر فيه اشتقاق اسمه تعالى، وقد وقع ابن حزم في هذا الكلام في خطأ عقدي، وهو قوله بأن الاسم غيرالمسمى، وهذه مسألة قد تكلمت فيها الفرق، فقال بعضهم الاسم هو المسمى، وقال بعضهم الاسم غير المسمى، وقال أهل السنة والجماعة الاسم للمسمى0
وأعجبني كلام ابن القيم رحمه الله، في بيان هذه المسألة والرد على من قال بعدم الاشتقاق (مثل ابن حزم في كلامه السابق)،
قال رحمه الله في بدائع الفوائد (1\ 26) (زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي أن اسم الله غير مشتق لأن الإشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالإشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل
ولكن الذين قالوا بالإشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله
ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة
وقول سيبويه إن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء هو بهذا الإعتبار لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتقوا منها الأفعال فإن التخاطب بالأفعال ضروري كالتخاطب بالأسماء لا فرق بينهما فالإشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى) انتهى
¥