(فمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ).
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)،
فعذاب الله على أعداءه، يشفي الله به صدور المؤمنين، ولهم أن يسْخَروا ممن سخِر من دينهم، وسخّر شعوبهم، واستكبر عليهم هو وجنوده في الأرض بغير الحق
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ، َسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) ..
(وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ..
(فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ) ..
ألا بعدا وسحقا للقوم الظالمين ..
هذا،، ولم يزل علماء المسلمين عندما يتناولون في الصراع مع أعداء الإسلام، يُظهرون الفرح بما ينزل الله عليهم من العقوبات، ويسخرون منهم، (سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
ومن ذلك على سبيل المثال، مما هو مشهور من المقال، في حروب الصليبيين خاصة:
شعر الإمام ابن حزم ـ رحمه الله وأكرم مثواه ـ رداً على الصليبيين:
قال رحمه الله:
ولكنْ سلُوا عنا هرقلا من خَلى ** لكم من ملوك مكرمين قماقم
يخبركمُُ عنا التنوخ وقيصر ** وكم قد سبينا من نساء كرائم
وعما فتحنا من منيع بلادكم ** وعما أقمنا فيكم من مآتم
ودع كلّ نذل مفتر لانعده ** إماما ولا الدعوى له بالتقادم
تريدون بغداد سوقا جديدة ** مسيرة شهر للفنيق القواصم
إلى أن قال:
ودون دمشق جمع جيش كأنه ** سحائب طير ينتحي بالقوادم
وضرب يلقّي الكفر كل مذلّة ** كما ضرب السكيّ بيض الدراهم
ومن دون اكناف الحجاز جحافل ** كقطر الغيوم الهائلات السماحم
بها من بني عدنان كل سميدع ** ومن حي قحطان كرام العمائم
إلى أن قال:
سيأتيكُمُ منهم قريبا عصائب ** تنسيكُمُ تذكار أخذ العواصم
وأموالكم حل لهم ودماؤكم ** بها يُشفي حرُّ الصدور الحوايم
إلى أن قال:
ومن دون بيت الله في مكة التي ** حباها بمجد للبرايا مراحم
دفاعا عن الرحمن عنها بحقها ** فما هو عنها رد طرف برائم
إلى أن قال:
ومن دون قبر المصطفى وسط طيبة ** جموع كمسود من الليل فاحم
يقودهم جيش الملائكة العلى ** دفاعا ودفعا عن مصل وصائم
إلى قال:
وباليمن الممنوع فتيان غارة ** إذا مالقوكم كنتم كالمطاعم
وفي جانبي أرض اليمامة عصبة ** معاذر أمجاد طوال البراجم
إلى قال:
هم نصروا الإسلام نصرا مؤزرا ** وهم فتحوا البلدان فتح المراغم
رويدا فوعد الله بالصدق وارد ** بتجريع أهل الكفر طعم البلاقم
إلى أن قال:
به صح تفسير المنام الذي أتى ** به دانيال قبله حتم حاتم
إلى أن قال:
لنا كل علم من قديم ومحدث ** وأنتم حمير داميات المحازم
ومن الأمثلة عند مؤرخي الإسلام، ما ذكره ابن كثير رحمه الله في حدواث سنة 586 هـ، قال:
(وشاع بين المسلمين والفرنج بأن ملك الألمان قد أقبل بثلاثمائة ألف مقاتل، من ناحية القسطنطينية، يريد أخذ الشام وقتل أهله، انتصاراً لبيت المقدس فعند ذلك حمل السلطان والمسلمون هماً عظيماً، وخافوا غاية الخوف، مع ما هم فيه من الشغل والحصار الهائل، وقويت قلوب الفرنج بذلك، واشتدوا للحصار والقتال.
ولكن لطف الله وأهلك عامة جنده في الطرقات بالبرد والجوع والضلال في المهالك، على ما سيأتي بيانه.
وكان سبب قتال الفرنج وخروجهم من بلادهم ونفيرهم ما ذكره ابن الأثير في (كامله): أن جماعة من الرهبان والقسيسين الذين كانوا ببيت المقدس وغيره، ركبوا من صور في أربعة مراكب، وخرجوا يطوفون ببلدان النصارى البحرية، وما هو قاطع البحر من الناحية الأخرى، يحرضون الفرنج ويحثونهم على الانتصار لبيت المقدس، ويذكرون لهم ما جرى على أهل القدس، وأهل السواحل من القتل والسبي وخراب الديار.
وقد صوروا صورة المسيح وصورة عربي آخر يضربه ويؤذيه، فإذا سألوهم من هذا الذي يضرب المسيح؟
قالوا: هذا نبي العرب يضربه وقد جرحه ومات.
¥