وكتاب الله تعالى قبل هذا يصدقه، قال تعالى (فكلاً أخذنا بذنبه، فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقنا، وما كان الله ليظلمهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)
فهذا النكبات لا شك أنها استعتاب من الله تعالى لعباده أن يرجعوا ويكفوا عن غيهم.
ومن شواهد ذلك
ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب (العقوبات) أن أنس بن مالك رضي الله عنه دخل على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ومعه رجل فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين، حدثينا عن الزلزلة. فقالت: إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمر، وضربوا بالمغاني، وغار الله عزوجل في سمائه، فقال للأرض تزلزلي بهم، فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم وهي نكال وعذاب وسخط على الكافرين، ورحمة وبركة للمؤمنين.
ومنها ما رواه أبونعيم في الحلية (5/ 304) عن جعفر بن برقان قال: كنتب إلي عمر بن عبدالعزيز: أما بعد: فإن هذا الرجف شئ يعاقب الله تعالى به العباد، وقد كتبتُ إلى الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا، فمن كان عنده شئ فليصَّدق، قال الله تعالى (قد افلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى) .....
قال ابن القيم رحمه الله وقد يأذن الله تعالى للأرض في بعض الأحيان فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله تعالى والندم)
كما أن هذه الآيات الكونية هي تخويف من الله تعالى لعباده كما نص عليه في قال تعالى (وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها، وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً).
قال قتادة: إن الله يخوف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون او يذكرون أو يرجعون.
وقال الحسن هو: الموت الذريع رواه ابن جرير الطبري في التفسير.
وجاء عن مجاهد في تفسير قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) قال: هي الصيحة والحجارة والريح (أو من تحت أرجلكم) قال: هي الرجفة والخسف. رواه أبو الشيخ في العظمة
وبعد هذه التقدمة السريعة أسباب حلول البلايا والرزيا نعرج على مسألة الفرح بما يصيب أهل الشر ومنهم الكفرة.
والأصل في هذا عدة أدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح.
قول الله تعالى قصصاً عن شعيب عليه السلام قوله (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم، فكيف آسى على قوم كافرين)، وكانت عقوبتهم بالرجفة، فلم يأس عليهم شعيب عليه السلام، بل واستنكر الأسى على ما أصابهم وعلل ترك التأسي عليهم بأنهم قوم كافرون.
وهذا بالضبط ما حصل لعباد الصليب في بلاد الأمريكان، وما حصل للمشركين في بلاد الرافدين وهم ذاهبون لممارسة طقوس الشرك بالله فأهلك الله من أهلك بسبب ذنوبهم وعصيانهم.
2 - ما رواه البخاري ومسلم في سبب شرعية صوم يوم عاشوراء المحرم، حيث إنه يوم سلط الله فيه جنداً من جنوده وهو البحر، أهلك فيه الطغاة والجبابرة فرعون وقومه الذين كانوا على الكفر وأنجى الله موسى عليه السلام وقومه المؤمنين، فكان منه شكر الله تعالى على ما أصاب الكفار من مصيبة. وإظهار الفرح فيه.
3 - ما رواه البخاري عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم مُر عليه بجنازة فقال: (مستريح ومستراح منه) فقالوا: يا رسول الله وما المستريح وما المستراح منه؟
قال: (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب).
فأي راحة للمؤمن والملائكة من كبس الأرض للكافر فلا يؤذي سطحها وغيرها بكفره وشركه الذي تتأذى منه حتى الجمادات. لمبارزته لله تعالى بالكفر والمعاصي
يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ذنوب بني آدم قتلت الجُعْل في جحره.
ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كاد الضب يموت في جحره هزْلاً من ظلم بني آدم.
وروى يحيى بن أبي كثير قال: قال رجل عند أبي هريرة: إن الظالم لا يظلم إلا نفسه.
فقال أبوهريرة رضي الله عنه: كذبت! والذي نفس أبي هريرة بيده، إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم. روى هذه الآثار ابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات
وأي ظلم أعظم من الشرك والكفر (يا بني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم)
¥