تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ? دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي ? فقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها) (1)

وجه الدلالة:

أن رسول الله ? علم هذا الصحابي كيف يصلي فقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) وعلمه كيفية الركوع والسجودوالقيام منهما ولم يأمره بوضع اليمنى على اليسرى فدل ذلك على أنه ليس مطلوباً في الصلاة. (1)

الدليل الثالث:

عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه أنه كان يرسل يديه إذا صلى. (2)

الدليل الرابع:

عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه رأى رجلاً واضعاً إحدى يديه على الأخرى هذه على هذه وهذه على هذه فذهب ففرق بينهما ثم جاء، (3)

الدليل الخامس:

عن ابن جريج أنه كان يصلي مسبلاً يديه، (1)

الدليل السادس:

روي عن ابن سيرين والحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير أنهم علُّلوا القبض بتعليلين:

التعليل الأول: أن في القبض اعتماداً إذ هو شبيه بالمستند.

التعليل الثاني: أن في القبض صفة إظهار خضوع ليس في الباطن. (2)

وجه الدلالة:

دلت هذه الآثار والتعليلات على جواز إرسال اليدين في الصلاة، إلا أن أصحاب هذه الآثار: أعني عبد الله بن الزبير، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي تقدم عنهم القول بسنية وضع اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة مثل قول الجمهور، (1) فبذلك لم يبق من يقول بإرسال اليدين في الصلاة من أصحاب هذه الآثار إلا ابن جريج والحسن البصري فقط.

استدل أصحاب القول الثاني والثالث: بثلاث تعليلات،

1 ـ أحدها أن وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من الاعتماد وذلك منهي عنه،

2 ـ مخافة اعتقاد الجهال وجوبه،

3 ـ مخافة إظهار خشوع، وكل ذلك سائغ في الفريضة والنافلة. (2)

المناقشة والترجيح:

بعد النظر في أدلة أصحاب القولين تبيَّن لي ما يأتي:

الأول:أن ما استدل به أصحاب القول الأول صريح وهو نص في محل النزاع الثاني: أنما استدل به أصحاب القول الثاني لا ينتهض للإحتجاج:

لأن الحديث الذي استدلوا به ضعيف لا يثبت وعلى افتراض أنه ثابت فقد نقل الحافظ ابن حجر عقبه في تلخيص الحبير: قال: (تنبيه) قال الغزالي: سمعت بعض المحدثين يقول: هذا الخبر إنما ورد بأنه يرسل يديه إلى صدره لا أنه يرسلهما ثم يستأنف رفعهما إلى الصدر، حكاه ابن الصلاح في مشكل الوسيط. (1)

الثالث: احتجاجهم بفعل عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه لا حجة فيه أيضاً لأنه قد روي عنه خلافه من قوله: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة). (2)

الرابع: تعليلهم بأن القبض اعتماد أو خشية إظهار خشوع ليس في الباطن، هذا تعليل لا وجه له، ولا تعارض به السنة المطهرة، قال الباجي: إنما وضع مالك الوضع على سبيل الاعتماد. (1)

الخامس: استدلالهم بما نقل عن محمد بن سيرين، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ففيه نظر لأنه قد تقدم عنهم القول بسنية وضع اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة، (2)

قلت: والذي أقرَّه مالك في موطئه الذي قضى في تأليفه أربعين سنة هو وضع اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة وهو الذي عليه جميع أصحابه سوى ابن القاسم رحمهم الله تعالى.

وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة (3)،

وقال ابن عبد البر: لم تختلف الآثار عن النبي ? في هذا الباب ولا أعلم عن أحدٍ من الصحابة في ذلك خلافاً إلاَّ شيئاً روي عن ابن الزبير، وقد روي عنه خلافه وعليه جمهور التابعين، وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر. (1) وقال في موضع آخر: وما روي عن بعض التابعين في هذا الباب ليس بخلاف: لأنه لم يثبت عن واحد منهم كراهية ولو ثبت ذلك، ما كانت فيه حجة: لأن الجحة في السنة لمن اتبعها، ومن خالفها فهو محجوج بها، ولا سيما سنة لم يثبت عن واحد من الصحابة خلافها، (2)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير