الثاني: أن أصحاب القول الثاني استدلوا بأدلة ضعيفة لا تقوم بها حجة لضعفها وعدم ثبوتها عن النبي ?،
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة ورأى بعضهم أن يضعهما فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة وكل ذلك واسع عندهم، (1)
وبهذا يتبيَّن لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن مكان وضع اليدين في القيام في الصلاة على الصدر لثبوت ذلك عن النبي ?، والله تعالى أعلم.
ومن المناسب أن نذكر هنا بعض القصائد لبعض العلماء الموريتانيين يرحمهم الله الذين صرحوا فيها بسنية القبض في الصلاة، في مذهب الإمام مالك مثل العلامة نادرة زمانه الشيخ محمد عبد الرحمن بن فتىً وغيره من العلماء المشهورين،
فقال محمد عبد الرحمن بن فتىً الموريتاني:
دع الإكثار ويحك والتمادي ... بلا جدوى على الخبر المعادي
وخل سبيل أمر ليس يجدي ... إذا نادى إلى العرض المنادي
فمهما رمت هذا السدل فاعلم ... بأن السدل عم بذي البلاد
ومهما رمت سنة خير هادي ... فإن القبض سنة خير هادي
ففعل القبض في الفرض اقتداء ... بخير الخلق أقرب للرشاد
به ورد الكتاب لدى علي ... وآثار تفوح بعرف جادي
ويفعله الإمام وإن تسلني ... فإن على أبي عمر اعتمادي
رواه الحبر أشهب وابن وهب ... وأعلام المدينة خير نادي
وأصحاب الإمام رووه كلاً ... سوى ابن القاسم الحبر الجوادي
وليس كلامه نصاً فأنى ... يكون السدل أقرب للسداد
وفي ما في الموطأ وهو نص ... صريح ما يرد أخا العناد
وفي نص المدونة احتجاج ... لأهل القبض دون السدل باد
وفي نص النوادر وابن رشد ... حذامي القول أعلن بالمراد
وينمي لابن عبدوس وينمي ... ليوسف ذي العلوم والاجتهاد
كذا اللخمي والإكمال أدنى ... لدى فهم الذكي إلى مراد
كذا المواق وابن الحاج أيضاً ... أجادا الطعن في حجج المضاد
كذاك الجهبذ العدوي أيضاً ... بغير القبض ليس بذي اعتداد
كذاك الحبر الأجهوري أيضاً ... كفيل بالمراد لكل جاد
كذاك أبو علي وهو أيضاً ... بمجموع الأمير أخو اعتضاد
كذلكم الميسر والمحشي ... أخو الفهم الصحيح والانتقاد
كذالك آخرون ذووا انتساب ... لمذهب مالك نجم الدءاد
كذا باقي المذاهب فهي ألبٌ ... على السدل الضعيف لدى الجلاد
كذلك الأنبياء عليه طراً ... من أولهم إلى خير العباد
كذلكم الملائكة وابن رشد ... إذا ما عن معترض عتاد
وللحبر ابن عزوز عليه ... من الأنقال ما يروي الصوادي
وما للسدل من أثر ضعيف ... يكافح إن ألم به الأعاد
فأهل القبض أبهى الخلق نوراً ... وأقربهم إلى مجُري الأياد
فما للسدل فضل بعد هذا ... عليه سوى الشذوذ والانفراد
به ألقى الإله ولا أبالي ... وإن سلقوا بألسنة حداد
وألغي ما سواه ولست أصغي ... لمانع الاقتداء بخير هادي
وإن يكره فليس الكره إلا ... لقاصد الاعتماد والاستناد
وما للرحمن جل له محب ... إلى التصويب أقرب في اجتهاد
يحرك ساكني ويشد أزري ... ويدفع ما تلجلج في فؤادي
وإن ينل المخالف منك يوماً ... وشدد في النكير للأعتياد
فذا فعل النبي فلا تدعه ... لإرضاء الصديق ولا المعادي
فقد قلدت أهل العلم منا ... مع المروي عن خير العباد
صلاة الله يتبعها سلام ... على الهادي إلى طرق الرشاد. (1)
انتهت القصيدة رحم الله قائلها رحمة واسعة.
وفي رجز الشيخ محمد سفر المدني المالكي رحمه الله
والوضع للكف على الكف وردْ ... عن النبي الهاشمي فلا يُردْ
رواه مالك وأصحاب السننْ ... ومسلم مع البخاري فاعلمنْ
ومن يقل هو بدعة فقد كذبْ ... دعه ولا تذهب لما له ذهبْ
وحيث ما وضعت تحت السرة ... أو فوق أو في الصدر ليس يكره
لأنه جاءت به الرواية ... وأخذت به ذوو الدراية
وصحح الحفاظ فوق الصدر ... كما رواه وائل ابن حجر. (1)
وللشيخ امربيه رب بن الشيخ ماء العينين رحمهما الله
لا يستوي المبطل والمحق ... وفي نصوص القبض جاء الحق
وزهق الباطل إن الباطلَ ... كان زهوقاً فاترك الأباطلاَ. (2)
وللشيخ الفقيه المحدث محمد بن أبي بكر بن أحميد الديماني المالكي رحمه الله
واعلم بأن القبض في إنكاره خطر ... فسلم والموطأ فانظرا
وعلى الصحيحين المدار وفيهما ... فانظرهما قد جاء واقر الكوثرا
¥