تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 02:30 ص]ـ

قال ابن حزم في [الأخلاق والسير]

تطلبت غرضاً يستوي الناس كلهم في استحسانه وفي طلبه فلم أجده إلا واحداً وهو طرد الهم فلما تدبرته علمت أن الناس كلهم لم يستووا في استحسانه فقط ولا في طلبه فقط ولكن رأيتهم على اختلاف أهوائهم و مطالبهم وتباين هممهم] وإراداتهم لا يتحركون حركة أصلاً إلا فيما يرجون به طرد الهم ولا ينطقون بكلمة أصلاً إلا فيما يعانون به إزاحته عن أنفسهم فمن مخطيء وجه سبيله ومن مقارب للخطأ ومن مصيب وهو الأقل من الناس في الأقل من أموره.

فطرد الهم مذهب قد اتفقت الأمم كلها مذ خلق الله تعالى العالم إلى أن يتناهى عالم الابتداء ويعاقبه عالم الحساب على أن لا يعتمدوا بسعيهم شيئاً سواه وكل غرض غيره ففي الناس من لا يستحسنه إذ في الناس من لا دين له فلا يعمل للآخرة وفي الناس من أهل الشر من لا يريد الخير ولا الأمن ولا الحق وفي الناس من يؤثر الخمول بهواه وإرادته على بعد الصيت.

وفي الناس من لا يريد المال ويؤثر عدمه على وجوده ككثير من الأنبياء عليهم السلام ومن تلاهم من الزهاد والفلاسفة. وفي الناس من يبغض اللذات بطبعه ويستنقص طالبها كمن ذكرنا من المؤثرين فقد المال على اقتنائه وفي الناس من يؤثر الجهل على العلم كأكثر من ترى من العامة.

وهذه هي أغراض الناس التي لا غرض لهم سواها. وليس في العالم مذ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم ولا يريد طرده عن نفسه.

فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع وانكشف لي هذا السر العجيب وأنار الله تعالى لفكري هذا الكنز العظيم بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلوب للنفس الذي اتفق جميع أنواع الإنسان - الجاهل منهم والعالم والصالح والطالح - على السعي له فلم أجدها إلا التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة.

وإلا فإنما طلب المال طلابه ليطردوا به هم الفقر عن أنفسهم وإنما طلب الصوت من طلبه ليطرد به عن نفسه هم الاستعلاء عليها. وإنما طلب اللذات من طلبها ليطرد بها عن نفسه هم فوتها وإنما طلب العلم من طلبه ليطرد به عن نفسه هم الجهل وإنما هش إلى سماع الأخبار ومحادثة الناس من يطلب ذلك ليطرد بها عن نفسه هم التوحد ومغيب أحوال العالم عنه. وإنما أكل من أكل وشرب من شرب ونكح من نكح ولبس من لبس ولعب من لعب وركب من ركب ومشى من مشى وتودع من تودع ليطردوا عن أنفسهم أضداد هذه الأفعال وسائر الهموم.

وفي كل ما ذكرنا لمن تدبره هموم حادثة لا بد لها من عوارض تعرض في خلالها وتعذر ما يتعذر منها وذهاب ما يوجد منها والعجز عنه لبعض الآفات الكائنة، وأيضاً [نتائج سوء تنتج بالحصول على ما حصل عليه من كل ذلك من خوف منافس أو طعن حاسد أو اختلاس راغب أو اقتناء عدو مع الذم والإثم وغير ذلك.

ووجدت للعمل للآخرة سالمًا من كل عيب خالصًا من كل كدر موصلاً إلى طرد الهم على الحقيقة ووجدت العامل للآخرة أن امتحن بمكروه في تلك السبيل لم يهتم بل يسر إذ رجاؤه في عاقبة ما ينال به عون له على ما يطلب وزايد في الغرض الذي إياه يقصد.

ووجدته إن عاقه عما هو بسبيله عائق لم يهتم إذ ليس مؤاخذاً بذلك فهو غير مؤثر في ما يطلب. ورأيته إن قصد بالأذى سر وإن نكبته نكبة سر وإن تعب فيما سلك فيه سر فهو في سرور متصل أبداً وغيره بخلاف ذلك أبداً فاعلم أنه مطلوب واحد وهو طرد الهم وليس إليه إلا طريق واحد وهو العمل لله تعالى فما عدا هذا فضلال وسخف.

ـ[وائل النوري]ــــــــ[24 - 01 - 06, 03:17 ص]ـ

جزاك الله خيرا ونفع بك.

اعتدال النفس وحسن النظر

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/ 136): ومعلوم أن الرأي لا يتحقق إلا مع اعتدال المزاج.

ـ[وائل النوري]ــــــــ[24 - 01 - 06, 01:38 م]ـ

اعتدال النفس وحسن النظر

قال ابن عقيل في الواضح (1/ 528): وإذا نفرت النفوس. عميت القلوب، وخمدت الخواطر، وانسدت أبواب الفوائد.

قال ابن مفلح في أصول الفقه (3/ 1424): ومن خاض في الشغب تعوده، ومن تعوده حرم الإصابة واستروح إليه، ومن عرف به سقط سقوط الذرة.

ـ[وائل النوري]ــــــــ[24 - 01 - 06, 03:08 م]ـ

اعتدال النفس وحسن النظر

من عيون كلام ابن القيم وغرره الذي تثنى عليه الخناصر.

قال في مفتاح دار السعادة (2/ 67 ـ 68) مفسرا قول الله تعالى "تبصرة وذكرى لكل عبد منيب": فالتبصرة: التعقل، والذكرى: التذكر، والفكر باب ذلك ومذخله، فإذا تفكر تبصر، وإذا تبصر تذكر، فجاء التذكر في الآية لترتيبه على العقل المرتب على الفكر، فقدم الفكر إذ هو الباب والمدخل، ووسط العقل إذ هو ثمرة الفكر ونتيجته، وأخر التذكر إذ هو المطلوب من الفكر والعقل ... قال الحسن: ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر، وبالتفكر على التذكر، ويناطقون القلوب حتى نطقت، فإذا لها أسماع وأبصار.

.. فالمتفكر ينتقل من المقامات والمباديء التي عنده إلى المطلوب الذي يريده، فإذا ظفر به وتحصل له تذكر به، وأبصر مواقع الفعل والترك، وما ينبغي إيثاره وما ينبغي اجتنابه.

لله درك يا ابن القيم ما أجمع كلامك!!. والله إني أحبك في الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير