تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونحنُ أُمَّةُ الإسلامِ أكْرَمنا اللهُ ومنَّ علينا بأعظمِ رجلٍ عرفتهُ البشريةُ، وسَطَّرَ التَّاريخُ سيرتَهُ، أَزْكَى وأطْهرُ مخلوقٍ على وجْهِ الأرضِ، خيرُ منْ وَطِئَ الثَّرَى، الصَّادقُ الأمينُ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ، صلَّى اللهُ عليك يارسولَ اللهِ عددَ أنفاسِ المخلوقاتِ، وعددَ ورقِ الأشجارِ، وعددَ قَطْرِ الأَنْهارِ، وعددَ ما أشرقَ عليهِ النَّهارُ.

أُمَّةُ محمدٍ-صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: هنيئاً لكم العِزَّ والشَّرفَ والوِسامَ الذي تَحْمِلُونَهُ (إنَّكُم اتباعُ محمدٍ ?) اتباعُ هذا النَِّبيِّ العظيمِ والرَّسولِ الكريمِ وخاتَمِ النَّبِيينَ وإمامِ المرسلينَ وسيدِ الأوَّلينَ والآخِرينَ، صاحبِ النُّورِ والهدايةِ لكُلِّ البشريةِ.

وَأبْيَضَ يُسْتَسْقَى? الْغَمامُ بوجههِ ثِمالُ الْيَتامَى? عِصْمةٌ لِلأرَامِلِ

صاحبُ القلبِ العظيمِ، يَعْطِفُ على الأرملةِ والمسكينِ، ويُواسِي الفقيرَ والكَسيرَ، وأحسنُ منْ وصفَهُ شريكةُ حياتهِ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ خديجةُ بنتُ خويلد (كلا وَاللّهِ لا يُخْزيكَ اللّهُ أبَداً، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحَمِ، وَتَصْدُقُ الْحَديثَ، وَتُؤَدِّي الأمانَةَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ عَلى نَوَائِبِ الْحَقِّ) 0

وكانَ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ يُعطي عطاءَ من لايخشى الفقر َ، كانَ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ المرسلةِ:

تراهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً كأنَّك تُعطيهِ الَّذي أنتَ سائِلُهُ

تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفَّ حتى لَوَ نَّهُ ثَنَاها لِقَبْضٍ لَمْ تُطِعْهُ أنامِلُهُ

ولوْ لَمْ يَكُنْ في كَفِّهِ غيرَ روحِهِ لجَادَ بِهَا فلْيَتَّقِ اللهَ سائِلُهُ

صاحبُ البلاغةِ والبيانِ، أُوتِي جوامعَ الكَلِمِ، وكلامُهُ يأخذُ بالألبابِ، وبيانُهُ يُلَيِّنُ الصُّمَّ الصِّلابَ، حَكَمَ بينَ النَّاسِ بالعدلِ وجاءَ بالشَّريعةِ والدِّين القائمِ على العدلِ فَنعِمَتْ البشريةُ بعدلهِ ورحمتهِ: مسلمِهِا وكافرِهِا بَرِّها وفاجرِهِا، لجأَ إليهِ أعداؤُهُ، وشَهِدَ بعدلهِ خصماؤُهُ،كانَ شعارُهُ الصِّدقَ والأمانةَ وطَبَّقها بفعلهِ، وعُرِفَ بِها حتَّى قبلَ تبليغِ الرِّسالةِ، ولمَّا بلغَ الرِّسالةَ لم يكنْ لهُ مطمعٌ منْ مطامعِ الدُّنيا الفانيةِ، فسَما بنفسِهِ الشريفةِ عن المنافساتِ الأرضيةِ الوضيعةِ ?قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ? [ص86].

لاطريقَ إلى الجنة إلا من طريقهِ ومنْ خلالِ العملِ بسنتهِ، فإليهِ يتحاكمُ المتحاكمونَ ويَصْدُرُ عنْ رأيهِ المتخاصمونَ، (منْ عملَ عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ) أي مردودٌ على صاحبهِ غيرُ مقبولٍ.

أُمَّةُ الإسلامِ: محمد ?: أَحبَّهُ كُلُّ شَيْءٍ في الوجودِ: الإنسِ والجِنِّ والحيوانِ والجمادِ، أمَّا الإنسُ فقدْ سَطَّرَ لنا التَّاريخُ البطولاتِ العجيبةِ في تسارعِ أصحابهِ رضوانُ اللهِ عليهم في الدِّفاعِ عنهُ، بكُلِّ ما يستطيعونَ وقد فَدَوْهُ بآبائهِم وأمهاتِهم وأبنائِهم وأموالِهم وضَّحُوا بكُلِّ غالٍ نفيسٍ حتى وصلَ بِهم الحالُ أنَّهم لا يَتمنَّوْنَ أنْ يُصابَ بأيِّ كَدَرٍ ولا أذى،ولَمَّا أُسِرَ أحدُ أصحابهِ منْ قِبلِ المشركينَ قالُوا لهُ: (أَتُحِبُّ أنَّ محمداً في مكانِكَ وأنَّكَ في أهلكَ؟ فقالَ: واللهِ ما أُحِبُّ أنَّ محمداً الآنَ في مكانهَ الَّذي هُوَ فيهِ تُصيبهُ شوكةٌ تُؤذيه وأنَّي جالسٌ في أهلي) قالها وهو يُعْرَضُ على الموتِ وماتَ شهيداً رَضِيَ اللهُ عنهُ، ويومَ أُحُدٍ يقومُ أحدُ أصحابهِ ويجعلُ جسدهُ تُرْسَاً يَقِي بهِ النَّبِيَّ ? منْ سهامِ المشركينَ فدخلتْ السِّهامُ في ظهرهِ وهُوَ يقولُ نَحْري دونَ نحركَ يارسولَ اللهِ، وَصَدْري دونَ صدركَ، وقُتِلَ بينَ يديهِ دِفاعاً عنهُ ? اثنا عشَرَ بطلاً منْ أبطالِ الأنصارِ رضيَ اللهُ عنهُمْ وأرضَاهُمْ، والسِّيرةُ مليئةٌ بأخبارِ مُحِبِّيهِ منْ أصحابهِ الذينَ طَبَّقُوا أقْوالهُم بِفِعَالهِم، وأمَّا الجِنُّ فقد ذَكَرَ بعضُ أهلِ السِّيرِ أنَّ الجِنَّ كانتْ تقتلُ منْ يَسُبُّ الرَّسولَ منْ كُفَّارِ الِجنِّ، وأمَّا الحيوانُ فهذا (جملٌ يلجأُ إلى النَِّبيِّ ? يَشْكُو مالِكَهُ، وعيناهُ تدمعانِ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير