تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قدم سحنون بمذهب مالك واجتمع له مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض فبارك الله فيه للمسلمين فما ات إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ قد انمحى ما قبله فكان أصحابه سرج أهل القيروان وابنه عالمها وأكثرهم تأليفا وابن عبدوس فقيها وابن غافق عاقلها وابن عمر حافظها وجبلة زاهدها وحمديس أصلبهم في السنة وأعداهم للبدعة وسعيد بن الحداد لسانها وفصيحها وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث وأشدهم وقارا وتصاونا كل هذه الصفات مقصورة على وقتهم قال محمد بن سحنون قال أبي إذا أردت الحج فأقدم طرابلس وكأن فيها رجال مدنيون ثم مصر وفيها الرواة ثم المدينة وفيها مالك ثم مكة واجتهد جهدك فإن قدمت على بلفظ خرجت من دماغ مالك ليس عند شيخك أصلها فاعلم أن شيخك كان مفرطا وقال سليمان بن سالم دخلت مصر فرأيت بها العلماء مستوافرين بني عبدالحكم والحارث بن مسكين وأبا الطاهر وأبا إسحق والبرقي وغيرهم ودخلت المدينة وبها أبو المصعب والفروى ودخلت مكة وبها ثلاثة عشر محدثا ودخلت غيرها من البلدان ولقيت علماءها ومحدثيها فما رأيت مثل سحنون وابنه بعده وقال عيسى بن مسكين سحنون زاهد هذه الأمة ولم يكن بين مالك وسحنون أفقه من سحنون وقال بعضهم ما رأيت أحدا أهيب من سحنون وقال الشيرازي إليه انتهت الرئاسة في العلم بالمغرب وعلى قوله المعول بالمغرب وصنف المدونة وعليها يعتمد أهل القيروان وحصل له من الأصحاب ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك وعنه انتشر علم مالك بالمغرب قال أبو علي بن البصير سحنون فقيه أهل زمانه وشيخ عصره وعالم وقته قال ابن حارث كان سحنون أفضل الناس صاحبا وأعقل الناس صاحبا وأفقه الناس صاحبا وكانت هذه الصفات صفات سحنون فخلق بها أصحابه رحمهم الله تعالى ذكر ولايته القضاء وسيرته ولى سحنون قضاء أفريقية سنة أربع وثمانين ومائتين وستة إذ ذاك أربع وسبعون سنة فلم يزل قاضيا إلى أن مات ولما ولى القضاء دخل على ابنته خديجة وكانت من خيار النساء فقال لها اليوم ذبح أبوك بغير سكين فعلم الناس قبوله القضاء وقال حدثني ابن وهب ورفع سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم المطلية الدنيا فار تحلوها فإنها تبلغكم الآخرة وكان سحنون لا يأخذ لنفسه رزقا ولا صلة من السلطان في قضائه كله ويأخذ لأعوانه وكتابه وقضاته من جزية أهل الكتاب وقال للأمير حبست أرزاق أعوانى وهم اجراؤك وقد وفوك عملك ولا يحل ذلك لك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه وكان يضرب الخصوم إذا آذى بعضهم بعضا بكلام أو تعرضوا للشهود ويقول إذا تعرض للشهود كيف يشهدون ويؤدب الخصم أن طعن على الشاهد بعيب أو تجريح أو يقول سل لي عن البينة فإنهم كذا حتى يسئله عن تجريحه ويقول للخصم أنا أغني بذلك منك وهو على دونك وكان إذا دخل عليه الشاهد ورعب منه أعرض عنه حتى يتسأنس وتذهب روعته فإن طال ذلك به هون عليه وقال له ليس معى سوط ولا عصى ولا عليك بأس أد ما علمت ودع ما لم تعلم وكان يؤدب الناس على الأيمان التى لا تجوز من الطلاق والعتق حتى لا يحلفوا بغير الله عز وجل وتخاصم إليه رجلان صالحان من أصحابه ممن نظر في العلم فأقامهما وأبي أن يسمع منهما وقال استرا عنى ما سترا الله عليكما وكان يؤدب على الغش وينفى من الأسواق من يستحق ذلك وكان يجلس في بيت في الجامع بناه لنفسه إذا رأى كثرة الناس وكثرة كلامهم فكان لا يحضر عنده غير الخصمين ومن يشهد بينهما في دعواهما وسائر الناس عنه بمعزل لا يراهم ولا يسمع كلامهم ولايشغل باله أمرهم وكان الناس يكتبون أسماءهم في رقاع تجعل بين يديه ويدعوهم واحدا واحدا إلا أن يأتي مضطر أو ملهوف وكان كثيرا ما يؤدب بلطم القفا ولم يل قضاء أفريقية مثله وقال سحنون ليس من السنة أن أدعوك إلى طعام غيري ولو كان لي لفعلت وقال قال عليه السلام إذا أحب الله عبدا سلط عليه من يؤذيه قال ابن عجلان الأندلسي ما بورك لأحد بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بورك بسحنون في أصحابه أنهم كانوا بكل بلد أئمة قال ابن حارث سمعتهم يقولون كان سحنون من أيمن عالم دخل المغرب كان أصحابه مصابيح في كل بلد وعدله نحو سبعمائة رجل ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجالسته حكم من كلامه رحمه الله تعالى قال سحنون لابنه محمد يا بني سلم على الناس فإن ذلك يزرع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير