هذا أصل النصرانية وهذا واقعها، وهذا الواقع - كما رأيت لا يمت إلى المسيح عليه السلام بصِلَة، ولا تربطه به إلا رابطة الانتساب الاسمي الذي يفتقد أدنى مقوماته الدينية والتأريخية ...
بل إن كتاب النصرانية المقدس يحمل نصوصاً تُعزى إلى المسيح عليه السلام تعارض وترفض هذه العقائد الأساسية والركائز الهامة التي تقوم عليها الديانة النصرانية ...
والإنسان العاقل يأنف من الزيف، وينفر من الخطأ. وحري بك أن تكون واحداً من أولئك القوم العقلاء الذين هجروا هذا الواقع المرير، وركبوا كل صعب وذلول بحثاً عن الحق، وطلباً للدليل، ورغبة في الوصول إلى الحقيقة.
فأقول: لن أتجاوز كتابك ففيه ما يدلك على الحق ويرشدك إلى الصواب، ألست تقول في صلاتك: (ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك) متى 6: 9 - 10. ألى الآن تنتظر قائلاً: ((ليأت ملكوتك)) ألم يأت هذا الملكوت؟ فإن كان الملكوت قد جاء وتحقق فلماذا لا تزال تدعو بهذا الدعاء؟
قد جاء هذا الملكوت وتحقق بمجيء رسوله الذي بشّر به المسيح عليه السلام فقال: (البارقليط (2) الذي يرسله أبي في آخر الزمان هو يعلمكم كل شيء) يوحنا:14: 26 وقال: (ومتى جاء البارقليط الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي) يوحنا 15: 26 فمن الذي شهد للمسيح بالرسالة ونزهه عما افتراه اليهود عليه سوى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟
وقال المسيح أيضاً: (إن لي أموراً كثيرة لَأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتيه. ذاك يمجدني؛ لأنه لا يأخذ مما لي ويخبركم) يوحنا 16: 12 - 14. فمحمد صلى الله عليه وسلم هو البارقليط الذي أشار إليه المسيح عليه السلام، وهو الذي أرشد الخلق إلى الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه إذ أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فهلم هلم اتبع البارقليط الذي أرشدك إليه المسيح عليه السلام، وهذا البارقليط هو الذي بشر به موسى عليه السلام حين قال كما في سفر التثنية 18: 18: (أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيتكلم بكل ما أوصيه) وإخوة بني إسرائيل هم بنو إسماعيل، ولم يخرج من بني إسماعيل رسول سوى محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الذي أخبرنا موسى عليه السلام أنه يخرج من قمم ((فاران)) حيث قال في سفر التثنية 33: 2: (جاء الرب من سيناء وأشرق من ساعير وتلألأ من جبل فاران) وفاران هي مكة المكرمة. وأنشد سكان ((سالع)) أنشودة الفرح بمقدمه إليهم كما قال اشعياء 42: 11: (لتترنم سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا) وسالع جبل في المدينة المنورة التي انطلقت منها رسالة محمد. وهوت تحت قدميه الأصنام (انظر إشعياء 42: 17)، وعمت رسالته وجه الأرض، وسعدت به البشرية، وآمنت به الآلاف المؤلفة من البشر فكن واحداً من هؤلاء تفز بسعادة الدنيا والآخرة. . .
أما كيف تكون من أتباعه؟
ليتحقق لك ما تحقق لأصحابه، فالأمر جد يسير، فما عليك إلا أن تغتسل وتتطهر وتزيل عن جسدك كل أثر غير حميد، ثم تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، عالماً بمقتضاهما، عارفاً بمعناهما، وهو أن تعتقد أن لا معبود بحق سوى الله، وأن الله هو المتفرد بالألوهية والربوبية، وأن محمداً رسول الله فتطيعه بما أمر، وتصدقه فيما أخبر، وتبتعد عما نهى عنه وزجر.
وأن تشهد أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الله يبعث من في القبور، فإذا حققت ذلك أصبحت أهلاً لأن تكون من ورثة جنة الفردوس مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وإن أردت مزيد مصادر ومراجع ترشدك إلى الحق وتهديك إلى الصراط المستقيم فإليك قائمة ببعض الكتب التي ألفها بعض القساوسة النصارى الذين هداهم الله إلى الإسلام فدوّنوا في هذه الكتب خبر انتقالهم من النصرانية إلى الإسلام، والأسباب التي أدت بهم إلى هجر النصرانية، والأدلة التي استدلوا بها على أن الإسلام هو الرسالة الخاتمة الخالدة وهذه الكتب هي:-
1 - الدين والدولة، تأليف علي بن ربِّن الطبري.
2 - النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية، تأليف نصر بن يحيى المتطبب.
¥