تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كفر لا يجادل عن أهله سلمان العودة]

ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[31 - 01 - 06, 10:18 م]ـ

العنوان سب الذات الإلهية

المجيب سلمان العودة

المشرف العام

التصنيف الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة

التاريخ 2/ 6/1422

السؤال

قبل عقود كثيرة كان المجتمع عندنا يسوده الجهل والإلحاد، بل إن عدد الملتزمين والدعاة لم يكن يتجاوز عدد أصابع اليد في البلد الواحد، وكان الناس يتخذون المساجد أماكن للأعراس والرقص، واستشرى في الناس سب الذات الإلهية إلا من رحم ربك، وهم قليل، حتى إن الشاب يسب الذات الإلهية في جده ومزحه وغضبه، ولكن -الحمد لله- فقد عمت الصحوة الإسلامية البلاد الآن، ولكن بقيت هذه الظاهرة منتشرة في كثير من القرى، وبكثرة بين الشباب الضائع والشيوخ، وإنكارها باليد يجر على الناس الفتن والمشاكل بين العائلات، وهذا جعل بعض الإخوة يقولون: إن الحكم بكفر هؤلاء، قديماً وحديثاً، يقتضي التفريق بينهم وبين أزواجهم، وعلى هذا فإن غالبية المجتمع أبناء زنى، وأن العلاقات القائمة بين هؤلاء الناس وأزواجهم هي علاقات زنى، ومن ذا الذي يستطيع أن يواجه المجتمع بمثل هذا الحكم، ولما يترتب على هذا الحكم من فتن، فالأولى القول بفسق هؤلاء لهذا الظرف، وأما الفريق الآخر، فيقول: إن هذا الحكم أصل ثابت بالأدلة الشرعية وبإجماع العلماء ولا يتغير بظرف ولا بحال أو زمان، وإفتاء الناس بفسق من يسب الذات الإلهية يجر الناس إلى التساهل في هذا الأمر مما يزيد الأمر إفساداً، فما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟

الجواب

رسالتكم المذكورة وصلت، وما تسألون عنه مما هو يقع في بعض القرى لدى طائفة من الشباب والعامة من سب الله، وهل يقال بكفر هؤلاء وما حصل لكم من الخلاف في شأنهم، فإن من المعلوم بإجماع طوائف المسلمين أن سب الله -سبحانه وتعالى- إلحاد محض، وكفر في شرائع الرسل أجمعين، حتى الشرائع التي دخلها التحريف، وهذا في كلام فقهاء المسلمين أخص أنواع الزندقة.وهذا الذي تذكرون وقوعه لدى بعض الناس هو كفر قاطع لا يجوز لأحد أن يعذر عنه، أو يجادل عن أهله، فإن هذا من جنس من قال الله فيهم: " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً " [النساء: 109] ولهذا يقع مثل ذلك ممن لا يعظم دين الإسلام والمسلمين ولا يظهر حرماته وشعائره، وربما وقع لبعض العامة ممن يعظمون دين الإسلام في الجملة ويتسمون به، إطلاق ما هو من الألفاظ ناقضُ لأصل الإسلام، فمثل هؤلاء يجب إبانة الحكم لهم، فإن لم يبالوه صاروا كفاراً كسائر من يقع في سبّ الله، وهذا محله فيما كان من الألفاظ يدخله الخفاء والاشتباه، أما السب الصريح لرب العالمين بذم، أو لعن، أو تقبيح، وأمثال ذلك، فهذا صاحبه لا يكون مؤمنا، ً بل لا يقع إلا من كافر، والمقصود أن من وقع منه سب لله وهو يعلم ما يقول، فهذا كفر بإجماع المسلمين، ومن تحقق عليه هذا القول سقطت عصمته الشرعية من الولاية ونكاح المسلمات، وأمثال ذلك، ووجب قتله إن لم يتب بإجماع المسلمين، فإن تاب ففي قبول توبته الظاهرة قولان لأهل العلم. ومما ينبه إليه أن ثمة ألفاظ ليست من السب الصريح، لكنها تفضي إليه، فمثل هذا يغلط فيه بعض جهلة المسلمين وفساقهم من جنس ما كان يقع في سب الدهر، وفي الصحيح في الحديث القدسي: " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار " رواه البخاري (4826)، ومسلم (2246) واللفظ لمسلم، فمثل هذا الذي يدخله خفاء واشتباه على كثير من العامة لا يسارع إلى إضافة قائله إلى حكم من سب الله من القول بكفره وزندقته، بل مثل هذا يبين حكمه وغلطه ولا يكفر صاحبه إلا بمجامعة مدلول سبّ الله معه، والغضب ليس مسقطاً للحكم في سب الله صريحاً إلا الإغلاق الذي لا يدري صاحبه ما يقول، كالسكران، وأمثاله، فهذا لا يكفر بمقاله في مثل هذه الحال، وفي الصحيح من حديث علي قول حمزة، وهو في شرب (سكر) للنبي -صلى الله عليه وسلم-:" وهل أنتم إلا عبيد لأبي .. " أخرجه البخاري (3091)، ومسلم (1979) وما أخذ بها لثمله، وقد حكى الإمام ابن تيمية الإجماع على أن من سب الله جاداً أو هازلاً يكفر، ولو كان ذاهلاً. ومثل هذا الكفر لا يقع إلا مع استحكام الجهل وضعف التربية، ونشر أصول الإسلام والشريعة بين الناس، وهذا هو الذي يجب على أهل العلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير