تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حارث همام]ــــــــ[07 - 02 - 06, 11:19 ص]ـ

الأخ ابن عمر عقيل ..

بدءاً أشكر لك حرصك على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع آثار من سلف، وبعد فأنتم تعلمون أن تطهير الأرض وإخلاءها من إظهار سب النبي صلى الله عليه وسلم مقصد مطلوب -كما قرر شيخ الإسلام في الصارم وغيره- ولا يقال لمن سعى فيه قد جاء بدعة. فهو من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يندرج في أبواب كثيرة غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طلبها الشارع وأمر بها كما لايخفاكم.

ومن أعظم الوسائل التي يمتلكها المسلمون اليوم لتحقيق هذا المقصد المقاطعة الاقتصادية.

وإذا تقرر أن المقصد مشروع فالمقاطعة لها حكمه فالوسائل لها أحكام المقاصد.

ولعل ضرب المثال يوضح المقال:

لو كنت ترى أن الصلاة في المسجد واجبة، وكانت لذلك المسجد ثلاثة طرق، تعذر سلوك اثنين منها لأخطار قطعتها، ألن تقول للناس تتعين عليكم الصلاة في المسجد ذاهباً بالطريق السهل الفسيحة المعبدة؟

فبم ألزمتهم وأجبت عليهم سلوك طريق ما أمر الله ولا أوجب بسلوكه في كتابه؟

لا لشيء غير أمره بالمقصد الذي لم يتيسر له غير سبيل واحد، فالأمر بالمقصد أمر بذلك السبيل.

وكذلك المقاطعة.

بيد أن القول بجواز المقاطعة أظهر من ذلك فهي وسيلة مستخدمة في شرعنا بل في شرائع الأنبياء من قبلنا كعقوبة لتحصل غرض مشروع.

ومن ذلك ما سمعته من شيخنا ناصر العمر -حفظه الله- معلقاً على قول نبي الله يوسف في القرآن: (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون).

فجعل المقاطعة الاقتصادية سبيلاً مشروعاً لتحصيل غرض مشروع.

فمن زعم أن هذا منسوخ في شرعنا فليأت بالدليل الناسخ.

ومن أدلتها أيضاً حديث ثمامة الذي ابتدر المقاطعة ابتداء دون أن يستأذن ولي أمره -وأمرنا- صلى الله عليه وسلم، وأما الاعتراض عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يرفعها بعد أن كتب له المشركون، فليس اعتراضاً صحيحاً، بل غاية ذلك جواز رفع المقاطعة إذا رأى ولي الأمر مصلحة ذلك، وقد قيد ثمامة المقاطعة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما أذن تركها.

والحكمة فيه ظاهرة فهم لما تنقصوا متابعته لمحمد صلى الله عليه وسلم أراد أن يعرفهم مكانته عنده فلما عرفوها ونشدوا رسول الله بما نشدوه وتم مقصود ثمامة أذن النبي صلى الله عليه وسلم في رفعها، ولم يؤثر عنه حرف في استنكارها، أو توبيخ ثمامة عليها أو قال له حرمت ما أحل الله، بل لايزال أهل العلم من السلف والخلف في التراجم وغيرها يذكورنها منقبة لثمامة.

وقد مضت مدة وثمامة مقاطع لهم قبل أن يأتيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كانت مقاطعته إذ ذاك محرمة والوحي يتنزل لما أقره الشارع لما فيه من تأخير بيان عن وقت الحاجة.

ومن أدلتها أيضاً جواز مقاطعة الناشز عقوبة لها على نشوزها.

ومن أدلتها عموم الأمر بمجاهدة الكفار بالمال، فهل امتثل أمر الجهاد بالمال من أنفق الأموال في شراء منتجاتهم؟

ثم إن كثيراً ممن يستدلون على منع المقاطعة يقولون هي من قبيل تحريم ما أحل الله ثم يقولون بجوازها إذا أمر بها ولي الأمر، ولا أدري متى كان لولي الأمر أن يحرم ما أحل الله!

والحق أنها ليست من قبيل تحريم ما أحل الله لأمور منها:

- ما سبق من بيان أنها وسيلة إلى مقصد مشروع بل واجب ربما لم يملك أكثر الناس غيره. وقد تقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد.

- ليس فيها تحريم لما أحل الله حقيقة بل هي دعوة لالتزام أحد طرفي المباح [فعله أو تركه؛ فالمباح فعله مباح، وتكره كذلك مباح من حيث الأصل]، لمصلحة ظاهرة من قبيل الدعوة إلى التزام إشارة المرور (وليس في كتاب الله نص يوجب الوقوف عندها أو يحرم تخطيها) لمصلحة حفظ أرواح بعض الناس، بينما الأول لمصلحة حفظ عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يولغ فيه.

- هل هناك من حرم الجبن أو الزبدة؟ وهل لا جبن ولازبدة إلاّ في الدنمارك؟ غاية ما هناك منع التعامل مع دولة تأذن بسب الله وسب رسوله وليس في ذلك تحريم إلاّ للتعامل مع هذه لا تحريم لما أحله الله من جبن وألبان!

هذا ما تيسر رقمه على عجل ولعل لي عودة ..

ـ[ابن عمر عقيل]ــــــــ[07 - 02 - 06, 08:35 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين ومن والاه واتبع هداه

اما بعد,

جزاك الله أخي في الله حارث همام

فأسمك يبشر بخير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير