- أولاً: انعقد الإجماع على أنه لا يجوز لأحد أن يحلل ما حرم الله ولا يرحم ما أحل الله كائناً من كان، فإذا ساغ لولي الأمر أن يأمر بالمقاطعة وساغت طاعته تبين أنه لم يحرم ما أحل الله، ويحل ما حرم الله، وإلاّ لو قال ولي الأمر: قاطعوا صوم رمضان، فبالإجماع لا يحل لأحد أن يطيعه في ذلك لأنه مخالف لشرع الله، ولا تسوغ الأدلة التي ذكرتها طاعته في ذلك بالإجماع، ولأن النصوص جاءت مقيدة الطاعة في المعروف، فإذا صح ذلك فطاعته في مقاطعة اليهود المحتلين طاعة له في المعروف، وتكون المقاطعة بذلك من جملة المعروف.
فإذا تقرر أن المقاطعة من جملة الخير ولهذا يطاع الحاكم فيها ويأثم من خالفه، فليس كل معروف لا ينبغي أن يؤتى إلاّ بإذن ولي الأمر.
بل لايسوغ لأحد أن يمنع أحد هذا المعروف، إلاّ لمفسدة راجحة ظاهرة.
-ثانياً: لقد أقر ولي الأمر مقاطعة الدنمار ولم يأمر أحداً برفعها.
-ثالثاً: خبر ثمامة ابن أثال حجة في ابتدائها بغير إذن ولي الأمر، وكون نبي الله ولي لأمره وأن أمره نافذ فيه لا ينازع فيه عاقل، ولهذا قيد المقاطعة بإذنه.
-رابعاً: اشتراط شرط لم يرد به الشرع على فعل (معروف) تحكم لا دليل عليه. ومن هذا اشتراط أن تكون مقاطعة البضائع الدنماركية بإذن الأمير.
ثم قلت:
سبق من بيان أنها وسيلة إلى مقصد مشروع بل واجب ربما لم يملك أكثر الناس غيره. وقد تقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
واقول:
تقول وسيله وكل وسيله تخالف شرع الله فلا تجوز وقياسك على طريق المسجد قياس مع الفارق هداك الله
وكل وسيله تخالف قول الله او هدي رسوله عليه الصلاة والسلام ونرى فيها مصلحه تسمى من المصالح الملغاة كما قرر ذلك جمع من اهل العلم.
هل عندك دليل واحد يبين أن مقاطعة الدنمارك وسيلة غير مشروعة؟
هل من دليل واحد يبين أن مقاطعة من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو أذن في سبه وحماه، غير جائزة.
إذا قلت هو تحريم لما أحل الله، فقد سبق جوابه، والإلزام بتحريم ذهاب الناس إلى المسجد من طريق تعذر غيره يلزم من يحرم نحو هذا، ويزاد على ما سبق أن يقال من زعم بأن الله أباح التعامل مع من يجاهر بسب رسوله صلى الله عليه وسلم، بل أمر بقتله.
ومن قتل فلا سبيل للتعامل معه.
أما الاعتراض بأن اليهود والنصارى كان يتعامل معهم المسلمون فقد سبق بيان أنه لايرد فالكلام ليس في مقاطعة اليهود والنصارى بل الكلام في شأن أخص كما ذكر أنفاً.
_ اما قياسك بالزام الناس بااشاره المرور!!!
اقول:
فمن الزم الناس بااشارة المرور جزاك لله خيرا؟؟؟
اليس ولي الامر؟؟؟
فاذا وضعت انت او انا اشاره مرور امام منزلي او منزلك هل يجوز الزامها على الناس؟؟؟
وهل يخالف من يقطعها؟؟؟
أخي الحبيب انظر معي في المسألة بانصاف:
إذا كان ذلك محرماً فليس لولي الأمر أن يلزم به يا صاح.
وإن كان سائغاً مباحاً فله أن يلزم به وليس هو من تحريم الحلال.
وكما تجب على الناس طاعة ولاة الأمر في المعروف، لأنه تبين أن الإشارات تحقق مقصداً معروفاً.
تجب على الناس نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعروف، لأنه تبين أن المقاطعة تحقق مقصداً معروفاً.
فالإلزام –وفقك الله لما فيه رضاه- لايفارق المفرق بين الأمرين.
اما قولك:
هل هناك من حرم الجبن أو الزبدة؟ وهل لا جبن ولازبدة إلاّ في الدنمارك؟ غاية ما هناك منع التعامل مع دولة تأذن بسب الله وسب رسوله وليس في ذلك تحريم إلاّ للتعامل مع هذه لا تحريم لما أحله الله من جبن وألبان!
اقول:
والله اني لاحمد غيرتك هذه وارجو من جميع المسلمين ان يتحلوا بهذه الغيره على الدين وصاحبه صلى الله عليه وسلم ولكن بما شرع الله وبما علمنا رسول الله
نقول كل انسان حر فيما يشتري والافضل ان يتعامل مع المسلمين ويترك منتجات الكفار ولكن من غير ان يستزله الشيطان ويجعلها قربه وطاعه وعباده لله تعالى بل يفعله من قبيل ما ذكر اخونا همام ان فعل فمباح فعله وان ترك فمباح تركه ولا يدعو الناس الى ذلك لانه يفعل كمن يضع اشارة مرور امام بيته كيفما شاء.
والله اعلم.
وصلي اللهم على رسول الهدي وآله وصحبه ومن تبع هداه
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
شكر الله لك وأسأل الله أن يوقد في قلوبنا جميعاً جذوة هذا الدين، فوالله لا أرى أني قمت بشيء يذكر في الانتصار للدين ولنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، فسل الله أن يخرجني من زمرة الباردين المقصرين.
ولاشك أن ما ذكرته هنا في حق غير الساب المنتقص ومن يحميه -ومن كان في حكمه لمقتض شرعي- متوجه، فإن التعامل مع المسلم أولى.
بيد أن المسألة ليست مقاطعة الكافر لأجل كفره، ولكن مقاطعة من أوجب علينا الشرع قتله، ومقاطعة الدولة التي تأذن له وتحميه وتدافع عنه.
فإذا سقط ما يجب بالقدرة لا يسقط أصله وهو تطهير الأرض من إظهار هذا السب بوسيلة وحيدة لكثير من الناس لم يحرمها الشرع وقد أثبتت جدواها.
ولو كان الناس يسلمون بأن المقاطعة وسيلة محرمة لما أقدم عليها أحد من أهل العلم، وأنت ترى أهل العلم هنا يفتون بها طالما كان ولي الأمر مقرا لها لم يعارضها، فضلاً عن فتوى أهل العلم في المشارق والمغارب بها مطلقاً.
ولعل الناظر في المسألة بتأمل لايجد مع من حرمها حجة واحدة صحيحة اللهم إلاّ المفسدة إذا قررها أولي الأمر والمختصين من أمراء وعلماء وخبراء.
وفقني الله وإياك للقيام بما أوجبه علينا، من العلم والعمل، والدعوة إلى هداه على بصيرة، وجزاك الله خيراً.
¥