تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دفع الشبهه للذين قالوا النصارى للذين آمنوا أقربهم مودة]

ـ[وليد النجدي]ــــــــ[04 - 02 - 06, 05:14 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين وقدوة الناس أجمعين الذي قال الله تعالى فيه (وإنك على خلق عظيم) , فكمَّله وزكَّاه من فوق سبع سماوات وأراضين, وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين, وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ... أما بعد:

فلقد آلمنا ما سمعناه في وسائل الإعلام وما تردد على ألسن المسلمين لاسيما الخطباء منهم والدعاة و ما عرضته الصحفية الدنماركية من صور كاركاتيريه تُسيء للحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو الهادي البشير, السراج المنير, أرسل الله رحمة للعالمين فليس للمسلمين فحسب بل للعالم أجمع, وعلى حين غفلة و بدون مقدمات يكشف الأعداء عن أنيابهم, ويفصحوا عما تُكِنُّه قلوبهم-قد بدت البغضاء من أفوههم وما تخفي صدورهم أكبر- فلم يكفهم قتل أبرياء المسلمين, وهتك أعراض المؤمنات الغافلات فأخذوا يسبون الإسلام وأهله فبدأ أعداء الله بإهانة المصحف الشريف وتمزيقه .. ثم أتبعوا ذلك سبَ نبي المسلمين .. ألا جُفت أقلام, وشُلت سواعد, وأُخرست ألسن, تعرضت إلى حبيب رب العالمين وخليله, وصفيه وخيرته من خلقه .. وقد توعد الله جل وعلا أن يكفيه المستهزئين وأن يعصمه من الناس .. فنسأل الله جلت قدرته أن يرينا فيهم ما يشف صدور قومٍ مؤمنين ... وهب المسلمون على إثر ذلك نصرة لنبيهم ودفاعاً عن حبيبهم صلى الله عليه وسلم في شتى الوسائل والمجالات فكان مما يتداوله بعض الدعاة في هذه الأزمة قوله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين إنا نصارى .. ) فظن بعض الناس أن فيها تزكية للنصارى من جهة المسلمين وأنهم ليسوا أعداء للإسلام والمسلمين والأمر ليس كذلك .. فنظرت -ولا أدعيه- ما تيسر لي من كتب أهل العلم على عُجَالة .. فإليك ما نظرت فيه والشروع في المقصود:

قال البغوي -رحمه الله- في تفسيره (مطلع الجزء السابع من سورة المائدة):

(لم يرد به جميع النصارى لأنهم في عداوتهم المسلمين كاليهود في قتلهم المسلمين, وأسرهم, وتخريب بلادهم, وهدم مساجدهم, وإحراق مصاحفهم, لا .. ولا كرامة لهم بل الآية فيمن أسلم منهم مثل النجاشي وأصحابه) اهـ.

وقال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره:

(قال علي بن أبي صلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن بكوا حتى أخضلوا لحاهم. وهذا القول فيه نظر لأن هذه الآية مدنية, وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة .. )

ثم قال رحمه الله:

(أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة وما ذاك إلا لِما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة كما قال تعالى: (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) , وفي كتابهم: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر , وليس القتال مشروعاً في ملتهم .. ) اهـ.

ويقول سيد –رحمه الله- في كلامٍ نفيس فتأمله .. (في ظلال القرآن -بتصرف بسيط- (2/ 964,963,962)):

] إن هذه الآية تُصور حالة, وتُقَرر حكماً في الحالة .. تصور من فريق أتباع عيسى -عليه السلام- الذين قالوا إنا نصارى, وتقرر أنهم أقرب مودة للذين آمنوا .. ومع متابعة مجموع الآيات التي لا تدع مجالاً للشك في أنها تصور حالة معينه هي التي ينطبق عليها هذا التقرير المعين فإن كثيرين يخطئون فهم مدلولها .. لذلك ند من الضروري –في ظلال القرآن- أن نتابع بالدقة تصوير هذه الآيات لهذه الحالة التي ينطبق عليها الحكم الخاص:

إن الحالة التي تصورها هذه الآيات هي حالة فئة من الناس قالوا إنا نصارى هم أقرب مودة للذين آمنوا (ذلك بأن منهم قسيسن ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) .. فمنهم من يعرفون حقيقة دين النصارى فلا يستكبرون على الحق حين يتبين لهم ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير