تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يقتضى أنه لم ينتقم ممن سبه أو آذاه أو كذبه فإن هذه من حرمات الله التى انتقم لها وإنما يكون ما لا ينتقم منه له فيما تعلق بسوء أدب أو معاملة من القول والفعل بالنفس والمال مما لم يقصد فاعله به أذاه لكن مما جبلت عليه الأعراب من الجفاء والجهل أو جبل عليه البشر من السفه كجبذ الأعرابي إزاره حتى أثر في عنقه وكرفع صوت الآخر عنده وكجحد الأعرابي شراءه منه فرسه التى شهد فيها خزيمة وكما كان من تظاهر زوجيه عليه وأشباه هذا مما يحسن الصفح عنه وقد قال بعض علمائنا أن أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام لا يجوز بفعل مباح ولا غيره وأما غيره فيجوز بفعل مباح مما يجوز للانسان فعله وإن تأذى به غيره واحتج بعموم قوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فاطمة (إنما بضعة منى يؤذيني ما يؤذيها ألا وإنى لا أحرم ما أحل الله ولكن لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل أبدا) أو يكون هذا مما آذاه به كافر رجا بعد ذلك إسلامه كعفوه عن اليهودي الذى سحره وعن الأعرابي الذى أراد قتله وعن اليهودية التى سمته وقد قيل قتلها ومثل هذا مما يبلغه من أذى أهل الكتاب والمنافقين فصفح عنهم رجاء استئلافهم واستئلاف غيرهم كما قررناه قبل وبالله التوفيق

فصل: هذا حكم المسلم فأما الذمي إذا صرح بسبه أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذى كفر به فلا خلاف عندنا في قتله إن لم يسلم لأنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا وهو قول عامة العلماء إلا أبا حنيفة والثوري واتباعهما من أهل الكوفة فإنهم قالوا لا يقتل لأن ما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعذر واستدل بعض شيوخنا على قتله بقوله تعالى (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم) الآية، ويستدل أيضا عليه بقتل النبي صلى الله عليه وسلم لابن الأشرف وأشباهه ولأنا لم نعاهدهم ولم نعطهم الذمة على هذا ولا يجوز لنا أن نفعل ذلك معهم فإذا أتوا ما لم يعطوا عليه العهد ولا الذمة فقد نقضوا ذمتهم وصاروا كفارا أهل حرب يقتلون لكفرهم وأيضا فإن ذمتهم لا تسقط حدود الإسلام عنهم من القطع في سرقة أموالهم والقتل لمن قتلوه منهم وإن كان ذلك حلالا عندهم فكذلك سبهم للنبى صلى الله عليه وسلم يقتلون به ووردت لأصحابنا ظواهر تقتضي الخلاف إذا ذكره الذمي بالوجه الذى كفر به ستقف عليها من كلام ابن القاسم وابن سحنون بعد وحكى أبو المصعب الخلاف فيها عن أصحابه المدنيين واختلفوا إذا سبه ثم أسلم فقيل، يسقط إسلامه قتله لأن الإسلام يجب ما قبله بخلاف المسلم إذا سبه ثم ناب لأنا نعلم باطنة الكافر في بغضه له وتنقصه بقلبه لكنا منعناه من إظهاره فلم يزدنا ما أظهره إلا مخالفة للأمر ونقضا للعهد فإذا رجع عن دينه الأول إلى الإسلام سقط ما قبله، قال الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) والمسلم بخلافه إذ كان ظننا بباطنه حكم ظاهره وخلاف ما بدا منه الآن فلم نقبل بعد رجوعه ولا استنمنا إلى باطنه إذ قد بدت سرائره وما ثبت عليه من الأحكام باقية عليه لم يسقطها شئ وقيل لا يسقط إسلام الذمي الساب قتله لأنه حق للنبى صلى الله عليه وسلم وجب عليه لانتهاكه حرمته وقصده إلحاق النقيصة والمعرة به فلم يكن رجوعه إلى الإسلام بالذى يسقطه كما وجب عليه من حقوق المسلمين من قبل إسلامه من قتل وقذف وإذا كنا لا نقبل توبة المسلم فأن لا نقبل توبة الكافر أولى.

قال مالك في كتاب ابن حبيب المبسوط وابن القاسم وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ فيمن شتم نبينا من أهل الذمة أو أحدا من الأنبياء عليهم السلام قتل إلا أن يسلم وقاله ابن القاسم في العتبية وعند محمد وابن سحنون وقال سحنون وأصبغ لا يقال له أسلم ولا لا تسلم ولكن إن أسلم فذلك له توبة وفى كتاب محمد أخبرنا أصحاب مالك أنه قال من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبيين من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب وروى لنا عن مالك إلا أن يسلم الكافر وقد روى ابن وهب عن ابن عمر أن راهبا تناول النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابن عمر فهلا قتلتموه وروى عيسى عن ابن القاسم في ذمى قال إن محمدا لم يرسل إلينا إنما أرسل إليكم وإنما نبينا موسى أو عيسى ونحو هذا لا شئ عليهم لأن الله تعالى أقرهم على مثله وأما إن سبه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير