تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والاشتراكية استوردها أربابها ليغنوا بها الفقراء بزعمهم، وإنما جلبوها في الحقيقة ليفقروا بها الأغنياء ويسلبوا بها أموال الناس بالباطل باسم رحمة الفقراء ويصرفوها في مطامعهم الأشعبية وأغراضهم الدنيئة وشهواتهم البهيمية، ويخمدوا بها جذوة الحركة والعمل، ويصدوا بها الناس عن التفكير في: حق رب العالمين والتنافس في مصالح الحياة والثورة على الكفرة والطغاة الملحدين. هذه حال الاشتراكية وأهلها، حسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله، وتجرءوا على شرعه وظلموا العباد واستبدوا بالأموال والعتاد وحاربوا الله في أرضه واستكبروا عن طاعته وحقه، تبا لهم ما أخسر صفقتهم وأخس مروءتهم وأسوأ عاقبتهم، فالحذر الحذر أيها المسلمون من أرباب هذه الفتنة العمياء والبدعة النكراء والكفر الصريح والمعاداة لله ولرسوله وشرعه لعلكم تفلحون، وقد شرع الله في الإسلام ما يغني عن هذا المذهب الهدام ويبطل كيد مخترعيه الكفرة اللئام، فأوجب سبحانه في أموال الأغنياء من الزكاة وصنوف النفقات، وشرع لعباده عز وجل من أنواع الكفارات والصدقات وسبل الإحسان ما تسد به حاجات الفقراء ويستغنى به عن ظلم العباد والتحايل على سلب أموالهم، بل جعل سبحانه وتعالى أداء الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وتوعد من بخل بها بأنواع العذاب والآلام، ووعد من بذلها كما شرع الله بالطهرة والزكاة لهم ولأموالهم ومضاعفة الأجور وعظيم الخلف، كما قال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [21] وقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [22] وقال عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [23] وقال وهو أصدق القائلين: {وما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [24] وقال سبحانه وتعالى {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [25] والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على المسلمين جميعا أن يؤدوا ما أوجب الله عليهم لإخوانهم الفقراء وأن يطيبوا نفسا بذلك وأن يرحموهم ويعطفوا عليهم أداء لما أوجب الله ورجاء الرحمة من الله وحذرا من غضب الله وسدا لأبواب الفتن والفساد وإغلاقا لسبل الكفر والإلحاد وشكرا لله على إنعامه وطمعا في المزيد من فضله وكرمه وإرغاما لأنوف الكفار والملحدين الذين قد ساءت ظنونهم بالإسلام واعتقدوا أنه قد أهمل جانب الفقراء ولم يعطهم حقهم، ولقد أخطأ ظنهم وخسرت صفقتهم وكذبوا على الله وحادوا عن الحق الواضح.

فاتقوا الله أيها المسلمون ومثلوا الإسلام في أعمالكم وأقوالكم وارحموا فقراءكم وأدوا ما أوجب الله عليكم من الزكاة وغيرها لتفوزوا بالسعادة والنجاة وتسلموا من غضب الله وأليم عقابه في الدنيا والآخرة، والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا وأن يمنحهم الفقه في دينه، وأن يهدي زعماءهم وقادتهم لصراطه المستقيم، وأن يقيم علم الجهاد ويكبت أهل الشرك والكفر والإلحاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

الخبر مُقتبس من موقع العلامه بن باز (رحمه الله).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير