فسقًا دون فسق, كما في قاذف المحصنات مثلاً فالقاذف يمكن أن يكون مسلمًا, ولكنه يكون فاسقًا لاقترافه إحدى السبع الموبقات, وإحدى الكبائر, وقال تعالى في كتابه: ((قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) فسبيل الغي بَيِّنٌ كما أن سبيل الرشد بين، وقال تعالى: ((وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)) فسبيل المجرمين بجميع أصنافهم بينة واضحة، وقال تعالى: ((وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)) والهداية في الآية هداية البيان والإيضاح، فكما أن الله عز وجل بين طريق الخير لاتباعه فقد بين طريق الشر لاجتنابه.
قال ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله تعالى ((وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)) قال: (الطريقين.) (2)
فبان بذلك, وبغيره من الأدلة أن جرح المجروحين هو من العلم الذي جاءنا به رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وبلَّغه إلينا، وأن العبد يسأل في قبره عن علمه بالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقد علمت أن جرح المجروحين من العلم الذي جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فيكونُ داخلاً ضمن سؤال العبد في قبره عن علمه برسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -, وأن هذا العلمَ - أعني علمَ الجرح للمجروحين - هو من البينات والهدى, وأنه يجب على المؤمن أو الموقن أن يقبلَ هذا العلم وغَيْرَه من العلوم التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -, وبلَّغها البلاغَ المبينَ, وأن يجيبَ ويُؤمنَ ويتبعَ, ما أوجبه الله عز وجل عليه, أما ما يتعلق بالسؤال عن هذا يوم القيامة، فإنا نحتج بقول الله تعالى: ((فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)) فنقول: إن الله عز وجل أكد أنه سيسأل الذين أُرسِلَ إليهم رُسُلُهم بالبينات والهدى, وبلغوهم البلاغَ المبينَ, ولا شك في أن جرح المجروحين هو من العلم والهدى والبلاغ والبينات التي جاء بها المرسلون, والتي سيسأل عنها العبد يوم القيامة, فدل ذلك على أنه سيسأل عن جرح المجروحين يوم القيامة, فكما يُسأَلُ المرسلون يوم القيامة عن إبلاغ رسالات ربهم, بما فيها من جرح المجروحين وذمهم وعيبهم، فكما يُسأل هؤلاء المرسلون يُسْأَلُ كذلك مَنْ أُرسل إليهم هؤلاء المرسلون عن تلك الرسالات بما فيها من جرح هؤلاء المجروحين وذمهم وعيبهم.
فسحقًا للتلبيس وأهله الذين يلبسون على الناس أمر دينهم بشبههم الزائفة.
وسحقًا للبدع وأهلها الذين يصدون عن سبيل الجرح للمجروحين، سبيل السلف الصالحين، سبيل كتاب رب العالمين وسنة خاتم النبيين، الذي أرسله ربه ببيان السبيلين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين من منافقين وزنادقةٍ وملاحدةٍ، وكفارٍ، ومشركين ومبتدعين، وفاسقين.
وبعدًا للجهل وأهله الحيارى في ظلمات الجهالة، فهم يَخْبِطُون خَبْطَ عَشْواءَ (3)، ويركبون متن عمياء.
إذا علمت ما سبق – فاعلم أن من يحلف ويقسم ويتألى على الله بأن الله لن يَسْأَلَ عبدَهُ يوم القيامة وأنه لن يُسأل في قبره: لِمَ لمْ تكفرْ أو تبدعْ أو تفسقْ فلانًا؟ وأنه إنما يُسْاَلُ لم كفرتَ أو بدعتَ أو فسقتَ فلانًا؟ - اعلم أن من تألى على الله بذلك فإنه كذابٌ مفترٍ جريءٌ على الله عز وجل، فتبًا لمن هذا حاله أو مقاله. إذ قد علمت فساد مقاله وضلال حاله، وَلْيُعْلَمْ أني لم أَعْمِدْ إلى استقصاء الأدلة في جواب تلك الشبهة ودحضها وردها لأني رأيت أن فيما ذكرتُ كفاية وذكرى إن شاء الله، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والموفق يكفيه القليل، والضال المتهوك (4) الحيران العنيد لا ينفعه الكثير. قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ)). وقال: ((وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)). وقال: ((وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)).
((سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[05 - 02 - 06, 10:27 م]ـ
هل لا حساب إلا حساب القبر؟
وأين ذهب ذهب الحساب يوم القيامة؟
وعموماً جزاك الله خيراً على فضحك لعصبة التخذيل لا كثرهم الله
ـ[بن عباس]ــــــــ[05 - 02 - 06, 10:35 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي
ولكنه ذكر أننا سنسأل عنهم يوم القيامة ايضاً.
ـ[بن عباس]ــــــــ[09 - 02 - 06, 04:28 ص]ـ
هل من إفادة حول هذا ..
اقال بهذا أحد من قبل .. ام هو من التجرؤ على الله!
¥