تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى الإمام أحمد عن أبي سعدي الخدري رضي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح وهو خلفه، فقرأ فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال:" لو رأيتموني وإبليس، فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي ّ هاتين الإبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة " (11354)

فكيف رأى إبليس؟ هل له جرم أم هو عرض لا يدرك بالحواس الخمس؟ وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدر على الإحاطة بالأعراض بالدوام أم أن الله ألهمه في وقته؟ ولن تنتهي الإعتراضات!

ولكن نحن نصدق نبينا صلى الله عليه وسلم، وبأنه رآه ولم يره الصحابة ...

وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم موت ولده إبراهيم: " ........ يا أيها الناس، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، فإنه ليس من شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، ولقد جئ بالنار فذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، حتى قلت: أي رب وأنا فيهم؟ ورايت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإن فطن به قال إ نما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به! وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها، فلم تطعمها ولم تتركها تذهب فتأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا! وجئ بالجنة، وذلك لما رأيتموني تقدمت حين قمت في مقامي فمددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل. " (مسلم 1508) و (مسند أحمد 13897) واللفظ لأحمد رحمهما الله ... وأقترح أن يكون السؤال الذي سألته هناك ما هو أولى منه،، ذلك أن العذاب في البرزخين - القبر والأخرة - متحقق بلا شك .. ولكن الذي ينبغي أن نسأله هو: هل عذاب القبر وثوابه حقيقي أم هو كناية مبالغة لما يمكن أن يحصل - من ثواب أو عقاب؟

والذي يظهر لي أن هذا العذاب - قبل قيام الساعة - خاص بالروح دون الجسد عندنا في هذا حديث جميل جدا وغاية في الإيضاح .. وهو ما رواه سيدنا البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه وقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر – مرتين أو ثلاثا – زاد في حديث جرير هاهنا وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له: يا هذا من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ - قال هناد قال: فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟

قال: فيقول: هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيقولان: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت – زاد في حديث جرير – فذلك قول الله عزوجل (يثبت الله الذين آمنوا) الآية .. ثم اتفقا – أي جرير والبراء - قال فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة وألبسوه من الجنة، قال: فياتيه من روحها وطيبها، قال: ويفتح له فيها مد بصره. قال: وإن الكافر – فذكر موته – قال: فيعاد جسده في روحه ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه هاه؟ لا أدري! فيقولان: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه؟

لا أدري! فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه هاه؟ لا أدري! فينادي مناد من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف عليه أضلاعه – زاد في حديث جرير-

ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضُرب به جبل لصار ترابا! قال: فيضربه بها ضربة فيسمعها ما في المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا، قال: فيعاد فيه الروح.

رواه الإمام أبوداوود (4127) ... ولو تأملت هذا الحديث تنجلي لك غوامض كثيرة وتجاب عن أسئلة محيرة .. إذ كيف يتم تجليس المؤمن؟ بل ويوسع له مدّ بصره؟ فأين ذهبت القبور المجاورة؟ خاصة لو كانوا هم أيظا مؤمنين!! لا بل فوق هذا كله يفتح له باب إلى الجنة .. فأين الجنة؟

كل هذه لا يمكن أن تكون محسوسة في الواقع البشري الحقير .. مع العلم أنها حقيقية واقعية - لأن نبينا لا يكذب ولا يتناقض - ولكن إدراكنا أضعف من أن يحيط بهذا فنحن نمرره كما أخبرنا عنه حبيبنا وسيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ونعادي كل من يتهرطق أو يشكك فيه ..

ولننظر في حال صاحب النار .. كيف يأتيه من سمومها وحرها بدون أن يتأذى من ذلك جيرانه المؤمنون؟! فهذا في التفكير الدنيوي محال ولكنه حق كما أن الجنة حق والنار حق .. ولكن لقطع وسواس الهرطقة والإلحاد أقول: ألسنا نؤمن بالملائكة والجن؟ فأين هم؟ وما هم؟ وهذا كذاك ..

ومثل ذلك المؤمن أو الكافر الغريقان أو المحترقان أو المتفرقان إلى أشلاء يستحيل جمعها .. فهل يعقل أن ينجوان من العذاب؟ فلو كان كذلك فللهندوس مندوحة بالحرق ولباقي البشر بهم أسوة!

وهذا ما حضرني من الجواب وهذا مبلغ علمي وبه أؤمن وبه أموت وعليه ألقى ربي ...

وسامحني - بارك الله فيك - على التقصير في الجواب ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير