((قلت: بل منقطع ضعيف، فإن شداداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف)).
3 - وروى عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة- شك عبد الله بن سعيد- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحداهما:
((لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء)).
أخرجه أحمد (6/ 294): ثنا و كيع قال: حدثني عبد الله بن سعيد.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو صحيح إن كان سعيد وهو ابن أبي هند سمعه من عائشة أو أم سلمة، ولم أطمئن لذلك، فإنهم لم يذكروا له سماعاً منهما، وبين وفاته ووفاة أم سلمة نحو أربع وخمسين سنة، وبين وفاته ووفاة عائشة نحو ثمان وخمسين. والله أعلم.
وأخرجه الطبراني عن عائشة نحوه بلفظ:
((يا عائشة إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف .... )).
قال الهيثمي (9/ 188):
((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط))، وفي إسناد ((الكبير)) ابن لهيعة، وفي إسناد ((الأوسط)) من لم أعرفه)).
4 - وأخرجه الطبراني أيضاً عن أم سلمة نحوه بلفظ:
((إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من تربتها، فأراها النبي صلى الله عليه وسلم ... )). (انظر الاستدراك رقم 161/ 21)
قال الهيثمي (9/ 189):
((رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات)). (انظر الاستدراك رقم 161/ 26).
5 - وعن أبي الطفيل قال:
((استأذن ملك القطر أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ... )).
قلت: فذكره نحو حديث أنس المتقدم. قال الهيثمي (9/ 190).
((رواه الطبراني وإسناده حسن)).
6 - ويروي حجاج بن نصير: ثنا قرة بن خالد: ثنا عامر بن عبد الواحد عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
((ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بـ (الطف))).
أخرجه الحاكم (3/ 179) وسكت عليه، وتعقبه الذهبي بقوله:
((قلت: حجاج متروك))
قلت: وبجملة فالحديث المذكور أعلاه والمترجم له، صحيح بمجموع هذه الطرق، وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير، لا سيما وبعضها قد حسنه الهيثمي، والله أعلم.
(تنبيه) حديث عائشة وعلي عزاهما السيوطي (فتح 1/ 55و56) لابن سعد في ((الطبقات)) ولم أره فيها، فعله في القسم الذي لم يطبع منها، والله أعلم.
فائدة: ليس في شيء من هذه الأحاديث ما يدل على قداسة كربلاء وفضل السجود على أرضها، وأستحبابها اتخاذ قرص منها للسجود عليه عند الصلاة، كما عليه الشيعة اليوم، ولو كان ذلك مستحباً لكان أحرى به أن يتخذ من أرض المسجدين الشرفين المكي والمدني، ولكنه من بدع الشيعة وغلوهم في تعظيم أهل البيت وآثارهم، ومن عجائبهم أنهم يرون أن العقل من مصادر التشريع عندهم، ولذلك فهم يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين، ومع ذلك فإنهم يروون في فضل السجود على أرض كربلاء، من الأحاديث ما يشهد العقل السليم ببطلانه بداهة، فقد وقفت على رسالة لبعضهم وهو المدعو السيد عبد الرضا (!) المرعشي الشهرستاني بعنوان ((السجود على التربة الحسينية). ومما جاء فيها (ص15):
((وورد أن السجود عليها أفضل لشرفها وقدستها وطهارة من دفن فيها. فقد ورد الحديث عن أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام أن السجود عليها ينور إلي الأرض السابعة. وفي آخر: أنه يخرق الحجب السبعة، وفي آخر: يقبل الله صلاة من يسجد عليها ما لم يقبله من غيرها، وفي [آخر] أن السجود على الطين قبر الحسين ينور الأرضين)).
ولم يكتف مؤلف الرسالة بتسويدها بمثل هذه النقول المزعومة عن أئمة البيت حتى راح يوهم القراء أنها مروية مثلها في كتبنا نحن أهل السنة، فها هو يقول: ((ص19)):
((وليس أحدايث فضل هذه التربة الحسينية وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمة عليهم السلام، إذ أن أمثال هذه الأحاديث شهرة وافرة في أمهات كتب بقية الفرق الإسلامية، عن طريق علمائهم ورواتهم، ومنها ما رواه السيوطي في كتابه ((خصائص الكبرى)) في ((باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين عليه السلام، وروى فيه ما يناهز العشرين حديثاً عن أكابر ثقاتهم كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم والطبراني والهيثمي في ((المجمع) (9: 191) وأمثالهم من مشاهير رواتهم)).
¥