أخرجه المحاملي في ((الدعاء)) (ق30/ 2): حدثنا العباس بن محمد: حدثنا يحيى بن إسحاق: نا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب عن عبد الله بن يزيد الخطمي مرفوعاً به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال مسلم غير العباس بن محمد وأبي جعفر الخطمي-واسمه عمير بن يزيد- وهما ثقتان مترجمان في ((التهذيب)).
وعبد الله بن يزيد الخطمي صحابي صغير، له في ((مسند أحمد)) (4/ 307) حديثان.
وقد تقدم هذا الحديث برقم (15) من مصدرين آخرين أبي داود وابن السني، فقدر أن أعيده هنا بهذا المصدر الجديد لعزته وندرته، كما تقدم له هناك بعض الشواهد (14و16).
هذا، وإن مما يؤسف له حقاً أن ترى هذا الأدب النبوي الكريم، قد صار مما لا أثر له ولا عين عند قواد جيوش زماننا، فإنهم يودعون الجيوش على أنغام الآلات الموسيقية، التي يرى بعض الدعاة الإسلاميين اليوم أنه لا شيء فيها، تقليداً منهم لظاهرية ابن حزم التي قد يسخرون منها عندما تخالف آراءهم- ولا أقول: أهواءهم، ولا يتبعون أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم الموافقة للأحاديث الصحيحة الصريحة في تحريم المعازف، تيسيراً على الناس بزعمهم! فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام، وقلة من يعمل بأحكامه في هذا الزمان، ويشكك فيها بالخلاف الواقع في الكثير منها، ليأخذ منها ما يشتهي، دون أن يحكم فيه قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)، فكأن هذه الأية منسوخة عندهم. والله المستعان.
النهي عن لباس الكفار
1704 - (إن هذه من ثيابِ الكفارِ فلا تلبسها).
رواه مسلم (6/ 144) وأحمد (2/ 162و207و211) وابن سعد (4/ 265) من طرق عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث أن ابن معدان أخبره أن جبير بن نفير أخبره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبيه معصفرين فقال: فذكره.
ومن أسانيد أحمد: ثنا يحيى عن هشام الدستوائي به.
ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (4/ 190) إلا أنه لم يذكر جبير بن نفير في إسناده، وقال:
((صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه))! ووافقه الذهبي، وقد وهما في استدراكه على مسلم.
وتابعه عند-أعني مسلماً-على بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير به.
وأخرجه من طريق طاووس عن ابن عمرو قال:
((رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال: أأمك أمرتك بهذا؟! قلت: أغسلهما؟ قال: بل أحرقهما)).
وأخرجه الحاكم أيضاً من طريق أخرى عن ابن عمرو ونحوه، وزاد في آخره: ((ففعلت)). وقال:
((صحيح الإسناد)).
قلت: وإنما هو حسن فقط.
وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للمسلم أن يلبس لباس الكفار وأن يتزيا بزيهم، والأحاديث في ذلك كثيرة، كنت قد جمعت منها قسماً طيباً مما ورد في مختلف ابواب الشريعة، وأودعتها في كتابي ((حجاب المرأة المسلمة))، فراجعها فإنها مهمة، خاصة وأنه قد شاع في كثير من البلاد الإسلامية التشبه بالكفار في البستهم وعاداتهم، حتى فرض شيء من ذلك على الجنود في كل أوجل البلاد الإسلامية، فألبسوهم القبعة، حتى لم يعد أكثر الناس يشعر بأن في ذلك أدنى مخالفة للشريعة الإسلامية، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
من أدب الإسقاء البدء بالأيمن
1771 - (الأيمنُ فالأيمن. وفي طريق: الأيمنون، الأيمنون، ألا فيمنوا).
ورد من حديث أنس، وسهل بن سعد.
1 - أما حديث أنس، فيرويه البخاري (2/ 75و130و4/ 35) ومسلم (6/ 112 - 113) وأبوعوانة في ((صحيحه)) (8/ 148 - 149) وكذا مالك (2/ 926/17) وعنه أبوداود (3726) وكذا الترمذي (1/ 345) وصححه الدارمي (2/ 118) وابن ماجه (3425) والطيالسي (2094) وأحمد (3/ 110و113و197و231و239) وابن سعد (7/ 20) والدولابي (2/ 19) من طرق عنه:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن شماله أبو بكر، فشرب، ثم أعطى الأعرابي، وقال:)) فذكره، واللفظ للبخاري من طريق مالك عن ابن شهاب عنه.
وفي رواية للشيخين وأحمد من طريق أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن قال: سمعت أنساً يقول:
¥