تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل سمعت بما حصل في سنة سبع وتسعين وخمسمائة (597هـ)؟]

ـ[أبو المقداد]ــــــــ[09 - 02 - 06, 02:04 ص]ـ

[هل سمعت بما حصل في سنة سبع وتسعين وخمسمائة (597هـ)؟]

فاقرأ التاريخ إن رمت العبر ... ضل قوم ليس يردون الخبر

لقد حل بأهل مصر تلك السنة بلاء شديد، وصارت لهم فيها أهوال عظام، لولا أن أئمة ثقات نقلوها لنا ما صدقناه، وما أهون الخلق على الله إذا عصوه ...

ووالله إن في قصصهم لعبرة لأولي الألباب ...


قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام:
سنة سبع وتسعين وخمسمائة
أخبار الغلاء الفاحش في مصر وأكل الناس بعضهم بعضا.
قال الموفق عبد اللطيف: دخلت سنة سبع مفترسة لأسباب الحيا، ويئسوا من زيادة النيل، وارتفعت الأسعار، وأقحطت البلاد، وضوى أهل السواد والريف إلى الأمهات البلاد، وجلى كثير إلى البلاد النائية ومزقوا كل ممزق.
ودخل منهم خلق إلى القاهرة واشتد بهم الجوع ووقع فيهم الموت عند نزول الشمس الحمل. ووبيء الهواء وأكلوا الميتات والبعر. ثم تعدوا إلى أكل الصغار وكثيرا ما يعثر عليهم ومعهم

صغار مشويون أو مطبوخون فيأمر السلطان بإحراق الفاعل.
رأيت صغيرا مشويا مع رجل وامرأة، أحضرا فقالا: نحن أبواه. فأمر بإحراقهما
ووجد بمصر رجل قد جردت عظامه وبقي قفصا.
وفشى أكل بني آدم واشتهر ووجد كثيرا.
وحكى لي عدة نساء أنه يتوثب عليهن لاقتناص أولادهن ويحامين عليهن بجهدهن. ولقد أحرق من النساء بمصر في أيام يسيرة ثلاثون امرأة كل منهن تقر أنها أكلت جماعة.
ورأيت امرأة أحضرت إلى الوالي وفي عنقها طفل مشوي فضربت أكثر من مائتي سوط على أن تقر فلا تخبر جوابا بل تجدها قد انخلعت عن الطباع البشرية ثم سجنت فماتت
وحكى لنا رجل أنه كان له صديق فدعاه ليأكل فوجد عنده فقراء قدامهم طبيخ كثير اللحم وليس معه خبز فرابه ذلك وطلب المرحاض فصادف عنده خزانة مشحونة برمم الآدميين وباللحم الطري فارتاع وخرج هاربا.
وقد جرى لثلاثة من الأطباء ممن ينتابني أما أحدهم فإن أباه خرج فلم يرجع. والآخر فأعطته امرأة درهمين ومضى معها فلما توغلت به مضائق الطرق استراب وامتنع وشنع عليها فتركت دراهمها وانسلت. وأما الثالث فإن رجلا استحبه إلى مريضة إلى الشارع وجعل في أثناء الطريق يتصدق بالكسر ويقول: هذا وقت اغتنام الأجر. ثم أكثر حتى ارتاب منه

الطبيب ودخل معه دارا خربة فتوقف في الدرج وفتح الرجل فخرج إليه رفيقه يقول: هل حصل صيد ينفع؟ فجزع الطبيب وألقى نفسه إلى اصطبل فقام إليه صاحب الاصطبل يسأله فأخفى قصته خوفا منه أيضا فقال: قد علمت حالك فإن أهل هذا المنزل يذبحون الناس بالحيل.
ووجدنا طفيحا عند عطار عدة خوابي مملوءة بلحم الآدميين في الملح فسألوه فقال: خفت دوام الجدب فيهزل الناس.
وكان جماعة قد أووا إلى الجزيرة فعثر عليهم وطلبوا ليقتلوا فهربوا فأخبرني الثقة أن الذي وجد في بيوتهم أربعمائة جمجمة.

ثم ساق غير حكاية وقال: وجميع ما شاهدناه لم نتقصده ولا تتبعنا مظانه وإنما هو شيء صادفناه اتفاقا وحكى لي من أثق به أنه اجتاز على امرأة وبين يديها ميت قد انتفخ وانفجر وهي تأكل من أفخاذه فأنكر عليها فزعمت أنه زوجها.
ثم قال: وأشباه هذا كثير جدا
ومما شاع أيضا نبش القبور وأكل الموتى فأخبرني تاجر مأمون حين ورد من الإسكندرية بكثرة ما عاين لها من ذلك يعني من أكل بني آدم وأنه عاين خمس أرؤس صغار مطبوخة في قدر.

وهذا المقدار كاف واعتقد أني قد قصرت.
وأما موت الفقراء جوعا فشيء لا يعلمه إلا الله تعالى فالذي شهدناه بالقاهرة ومصر وهو أن الماشي لا يزال يقع قدمه أو بصره على ميت أو من هو في السياق وكان يرفع من القاهرة كل

يوم من الميضأة ما بين مائة إلى خمسمائة.
وأما مصر فليس لموتاها عدد، يُرْمَوْنَ ولا يُوَارَوْنَ، ثم عجزوا عن رميهم فبقوا في الأسواق والدكاكين.
وأما الضواحي والقرى فهلك أهلها قاطبة إلا من شاء الله. والمسافر يمر بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار وتجد البيوت مفتحة وأهلها موتى. حدثني بذلك غير واحد، وقال لي بعضهم إنه مر ببلد ذكرنا أن فيها أربعمائة نول للحياكة فوجدناها خرابا وأن الحائك في جورة حياكته ميت وأهله موتى حوله فحضرني قوله تعالى: " إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير