وقول الإمامين أبي حنيفة ومحمد هو المعتمد والمختار عند السادة الحنفية، والخلاصة أن أبا حنيفة ومحمداً - بخلاف أبي يوسف - يرون جواز التعامل بالعقود الفاسدة في دار غير المسلمين بين المسلم وأهلها غير المسلمين، وهذا أيضاً خلاف مذهب بقية المذاهب الذين يرون حرمة هذه التعاملات في دار الحرب أو دار الإسلام، والسائل له أن يأخذ برأي أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - لاسيما وهو ينتظر الحصول على عمل آخر ليس فيه حرمة باتفاق، والقواعد الشرعية تجوز له ذلك؛ لأن الفقهاء يقولون: إن للمكلف تقليد من أجاز شيئاً وقع فيه خلاف إذا كان العمل برأي المانع والمحرم سيسبب ضيقاً ومشقة عليه، فيقولون: من ابتلي بشيء من ذلك - أي مما وقع فيه الخلاف بين الحل والحرمة - فليقلد من أجاز .. والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.
- الرد:
- التذكير بأدلة تحريم الربا وبيع الخمر والخنزير:
- الربا حرام في الكتاب والسنة والإجماع:
في كتاب الله تعالى آيات كثيرة منها قوله تعالى: -الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم- >البقرة: 572 - 276اجتنبوا السبع الموبقات< - ومعنى الموبقات المهلكات - قالوا: يارسول الله! وماهن؟ قال: > الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات< -أخرجه البخاري ومسلم-.
- عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: >لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكتابه، وشاهديه، وقال: هم سواء< -أخرجه مسلم وغيره-.
- الإجماع:
وأما الإجماع على تحريم الربا، فقد حكاه غير واحد من أهل العلم كابن حجر وابن بطال في شرحهما للبخاري وغيرهما، والشأن في ذلك مشهور.
- الخمر حرام في الكتاب والسنة والإجماع:
- من القرآن:
قال تعالى: -يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين- >المائدة: 90 - 92لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، والآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له< -رواه ابن ماجة والترمذي واللفظ له صحيح الترغيب والترهيب للألباني 2/ 597 - .
- الإجماع: وقد حكاه القرطبي في تفسيره وابن حجر في شرحه للبخاري وآخرون.
- أقوال أهل العلم في حرمة بيع الخمر والخنزير في دار الحرب:
في كتاب الأم للشافعي قال الأوزاعي - رحمه الله: الربا عليه - يعني المسلم - حرام في أرض الحرب وغيرها، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع من ربا أهل الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك وكان أول ربا وضعه ربا العباس بن عبدالمطلب، فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم قد حرم الله تعالى عليه دماءهم وأموالهم؟ وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يستحل ذلك.
وقال أبو يوسف: القول ما قال الأوزاعي لا يحل هذا ولا يجوز وقد بلغتنا الآثار التي ذكر الأوزاعي في الربا. أ. هـ -7/ 358 - 359 - .
قال الشافعي - رحمه الله - كما في كتاب الأم -7/ 355 - : إن الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر.
قال أبو يوسف - رحمه الله: لا يجوز للمسلم في دار الحرب إلا ما يجوز له في دار الإسلام. -بدائع الصنائع 7/ 132 - .
¥