[فتاوي المجامع الفقهية واللجنة الدائمة في حكم الاكتتاب في أسهم الشركات المختلطة]
ـ[أحمد المحيل]ــــــــ[17 - 02 - 06, 11:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت للنصوص الشرعية قداسة لا تحتاج معها إلى مقدمات أو شروح وتأكيدات، وكان الناس إذا ذكروا بقول الله سبحانه وتعالى خشعوا، وإذا نبهوا إلى سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم انتبهوا، ووقفوا عند حدودها أمراً كان أو نهياً.
لفت نظري جدل فقهي عرض في جريدة «الرياض» بعددها رقم 13690، الصادر في 15 من ذي القعدة 1426ه لشيخين فاضلين هما الدكتور محمد العصيمي، والشيخ يوسف الشبيلي، حول جواز الاكتتاب من عدمه في أسهم شركة أودعت رأسمالها أو بعضاً منه في بعض المصارف وحصلت مقابل هذا الايداع على فوائد ربوية، أو وقعت على اتفاقية تمكنها من الحصول على قروض ربوية، ثم وقع في نفسي أن أبين ما لديّ في هذا الموضوع لاسيما أنني من المهتمين بموضوع الشركات وأسهمها تأليفاً وتدريساً ومشاركة في المؤتمرات والندوات الاقتصادية والفقهية منذ أكثر من عشرين عاماً، ثم زاد حرصي على كتابة هذا المقال بعد أن سمعت عدداً ممن يُنسب للعلم ويعتد برأيه ينحو باللائمة على هيئة كبار العلماء لصمتها - كما يدعي - عن بيان وجه الحق في هذا الأمر الذي يظنونه نازلة جديدة لم يسبق لأي من المرجعيات الشرعية بيان حكمه، فزادني هذا الأمر حرصاً على بيان ما لديّ اسأل الله أن يبصرنا بالحق ويوفقنا للعمل به.
ومن الملاحظ على بعض الاجتهادات في هذا العصر تأثر أصحابها بالواقع القائم، واستسلامهم لتيارات العصر، وإن كان منها ما هو دخيل على الإسلام، ومحاولة تبرير هذا الواقع بإعطائه سنداً من الشرع ولو بلي أعناق النصوص، أو بدعوى المصالحة حيناً، أو قياساً مع الفارق، أو تخريجاً على أقوال للعلماء. ومن الثابت أن ما نصت عليه الشريعة من أحكام أحل الله بها الحلال، وحرم الحرام هو عين المصلحة التي يجب ألا ينازع فيها مسلم، لأنه قد شرعها من هو أعلم بمصلحتنا منا، قال الله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
والاجتهاد بالاستصلاح إنما يجوز في مجال المصلحة التي عرفت لدى الأصوليين بالمصلحة المرسلة، وهي التي لم يرد نص شرعي باعتبارها ولا بإلغائها، وكانت ملائمة لجنس تصرفات الشارع في أحكامه، أما المصلحة المصادمة للنص فهي ملغاة، والواقع انها مصلحة موهومة، وليست حقيقية.
شركة المساهمة بالغة الأهمية في الميدان الاقتصادي، ومن أبرز خصائصها، تكون رأس مالها من أسهم.
والأسهم لها أنواع متعددة، وخصائص متعددة، أيضاً، من أهمها قابليتها للتبادل.
ولبيان الحكم الشرعي لتداول الأسهم بالبيع والشراء يجب تحديد نوع السهم، من حيث الحقوق والواجبات، ومن حيث انه سهم في رأس المال، أو سهم تمتع.
كما يجب معرفة المشروع التجاري الذي تمارسه الشركة، وتستثمر رأس مالها أو بعضه فيه، لمعرفة حله، أو حرمته، أو دخول الحرمة في بعضه.
وبناء على معرفة ما سبق يمكن للباحث، أو المفتي، إصدار الحكم بحل تداول هذا النوع من الأسهم، أو حرمته، وبصحة العقد، أو بطلانه.
ويمكن تقسيم الشركات من حيث استثمارها لأموالها في المشاريع التجارية إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: شركات تستثمر في أمور محرمة، كالاستثمار في صناعة الخمور، والمخدرات، أو بيعهما، أو زراعة الحشيش، ونحوه، أو إنشاء نواد للقمار، أو إنشاء مصارف ربوية، للقيام بالأعمال الربوية بيعاً، أو إقراضاً أو هما معاً. فهذا النوع من الشركات حرام، لا تجوز المشاركة فيها، ولا شراء أسهمها، بلا خلاف.
النوع الثاني: شركات تستثمر في أمور مباحة، وخالية من كل الشوائب المحرمة، مثل الاتجار في المواد الغذائية، أو صناعة السيارات، أو زراعة الحبوب، والخضار ونحو ذلك. فهذا النوع من الشركة جائز شرعاً، فيجوز الاكتتاب في أسهمها، وشراؤها، وبيعها، بلا خلاف يعتد به.
النوع الثالث: شركات أصل مشروعها، ومجال استثمارها الأساسي مباح، كالنوع الثاني لكنها تودع أموال في المصارف الربوية، وتأخذ على هذا الايداع فوائد ربوية، وإذا احتاجت إلى نقود لدعم مشاريعها، أو توسيع أعمالها، أو نحو ذلك، اقترضت من المصارف الربوية أو غيرها بفوائد ربوية.
¥