تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال النووي رحمه الله تعالى في حديثه عن الوشم:"وهو حرام على الفاعلة، والمفعول بها باختيارها، والطالبة له، وقد يفعل بالبنت وهى طفلة فتأثم الفاعلة ولا تأثم البنت لعدم تكليفها حينئذ، قال أصحابنا:هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا، فان أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته، وإن لم يمكن إلا بالجرح: فان خاف منه التلف، أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شيئا فاحشا فى عضو ظاهر، لم تجب إزالته، فإذا بان لم يبق عليه إثم، وإن لم يخف شيئا من ذلك ونحوه لزمه إزالته، ويعصى بتأخيره"، ثم عقب على ذلك كله بقوله:"وسواء في هذا كله الرجل والمرأة والله أعلم".

وبنحو ما تقدم قال ابن حجر رحمه الله تعالى في حديثه عن الوشم:"وقد يكون في اليد وغيرها من الجسد، وقد يفعل ذلك نقشا وقد يجعل دوائر، وقد يكتب اسم المحبوب، وتعاطيه حرام بدلالة اللعن كما في حديث الباب، ويصير الموضع الموشوم نجسا لأن الدم انحبس فيه، فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجرح، إلا إن خاف تلفا أو شيئا، أو فوات منفعة عضو فيجوز إبقاؤه، وتكفي التوبة في سقوط الإثم"، ثم عقب على ذلك بقوله:"ويستوي في ذلك الرجل والمرأة ".

والتغيير في واقع الأمر يتم بأحد طريقين:إما بإضافة شيء إلى الخلقة، وإما بحذف شيء منها.

النمص:هو إزالة الشعر من الوجه، وهو من جملة تغيير خلق الله، ويشمله اللعن الوارد في الحديث، قال النووي رحمه الله تعالى:"وهذا الفعل حرام، إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها، بل يستحب عندنا، وقال ابن جرير:لا يجوز حلق لحيتها، ولا عنفقتها، ولا شاربها، ولا تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص، ومذهبنا ما قدمناه من استحباب إزالة اللحية والشارب والعنفقة، وأن النهى إنما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه".

وقال ابن حجر:"قال الطبري:لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها، بزيادة أو نقص التماس الحسن، لا للزوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما، توهم البلج أو عكسه، ومن تكون لها سن زائدة فتقلعها، أو طويلة فتقطع منها، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله أو تغزره بشعر غيرها، فكل ذلك داخل في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالى، قال:ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية، كمن يكون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها في الأكل، أو إصبع زائدة تؤذيها أو تؤلمها، فيجوز ذلك، والرجل في هذا الأخير كالمرأة"، قلت:أما ظهور لحية أو شارب للمرأة أو عنفقة فلست أرى حرجا في إزالة ذلك، لأن هذا الأشياء ليست من خلقة النساء في العادة التي أجراها الله، فلا تكون إزالتها ممنوعة كما بين ذلك النووي والله تعالى أعلم.

وإذا كان بعض العلماء قد منعوا من حلق اللحية التي تنبت في وجه المرأة على أساس أن هذا تغيير لخلق الله، مع علمهم بأن خروج لحية للمرأة يعد من الأمور الشاذة، وأن اللحية ليست من الخلقة المعتادة للنساء، فماذا يكون قولهم في الرجل الذي يحلق لحيته؟.

وإذا كان العلماء قد عدوا إزالة بعض الشعيرات من الحاجب، أو من الوجه، هو من تغيير خلق الله تعالى، فإن إزالة اللحية من وجه الرجل هي بلا شك من تغيير خلق الله تعالى، وهو أمر متوعد عليه باللعن، وعلى ذلك فحلق الرجل لحيته حرام من هذا الوجه أيضا.

المتفلجات للحسن:قال النووي رحمه الله تعالى:"وهى فرجة بين الثنايا والرباعيات، وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن؛ إظهارا للصغر وحسن الأسنان؛ لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار، فإذا عَجَزَتْ المرأة كَبُرَت سنها وتوحشت، فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر، وتوهم كونها صغيرة، ويقال له أيضا: الوشر، ومنه: لعن الواشرة والمستوشرة، وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله تعالى، ولأنه تزوير، ولأنه تدليس، وأما قوله:المتفلجات للحسن، فمعناه:يفعلن ذلك طلبا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس والله أعلم" وبنحو ذلك قال ابن حجر، وما بحثه النووي وابن حجر من جواز فعل بعض هذه الأشياء للعلاج، قد دل عليه ما أخرجه أحمد من طريق الحسن العرني عن يحيى بن الجزار عن مسروق أن امرأة جاءت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير