تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سلسلة الراجعين إلى منهج السلف (4) إمام الحرمين الجويني]

ـ[أبوعمير الحلبي]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:49 م]ـ

من لا يعرف إمام الحرمين؟!

هذا الشبل من ذاك الأسد .. فأبوه الإمام أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني –رحمه الله- الذي أعلن توبته من عقائد الأشاعرة ولزومه غرس السنة، واهتدائه بسلف الأمة، في رسالته العظيمة لشيوخه [رسالة في إثبات الاستواء والفوقية]، ولم تكن صيحة أبيه لتذهب سدى، بل وفق الله من وفق للاستنارة بها، والوقوف أمام مضامينها، وقوف المتأمل والمتعلم، حيث لا مجال للعناد، مع آيات الكتاب، وصحيح السنة، وما صح من نقلٍ عن أئمة السنة، وممن تأثر بعلمه ونهل منه في فترتيه ابنه أبو المعالي، الذي خلف والده في التدريس ...

فمن هو إمام الحرمين؟!

هو أبو المعالي عبدالملك بن عبدالله بن يوسف المتوفى سنة 478هـ، مات والده فجلس في مجلسه للتدريس، فانتقلت إليه نسبة (الجويني) وقيل: كان عمره عشرين سنة عندما جلس للتدريس في مجلس والده، ولقب بإمام الحرمين لأنه كما قيل، جاور مكة أربع سنوات كان خلالها يناظر ويدرس ثم عَرَّج على المدينة المنورة.

وقد ألف الإمام الجليل مؤلفات كثيرة في فنون مختلفة ..

ومن هذه المؤلفات التي تتصل بمرادنا (الغياثي) ألفه لغياث الدولة الذي هو نظام الملك (الوزير) وهو الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي أبو علي الوزير العادل صاحب المدارس التي عرفت باسمه (النظامية) وأحد الزهاد العباد المعروفين، ناصر السنة وأهلها وحامي الفقهاء من بطش المبتدعة والزنادقة وأحد فقهاء الشافعية.

تولى الوزارة للسلطان السلجوقي (ألب أرسلان) ثم من بعده لابنه ملكشاه، ولد الوزير سنة 408هـ وتوفي سنة 485هـ.

كما أن الكتاب (الغياثي) منسوب لهذا الوزير الصالح الحسن بن علي الملقب (غياث الدولة)، فقد نسبت العقيدة النظامية إليه لأنه يلقب أيضاً (نظام الملك) ونستحسن هنا بعض كلام الإمام نقلاً عن كتابه الكبير (الغياثي)، قال الإمام أبو المعالي الجويني في الكتاب المذكور (رقم 279 ص190):

(ومن رام اقتصاداً، وحاول ترقياً عن التقليد واستبداداً فعليه بما يتعلق بعلم التوحيد من الكتاب المترجم (بالنظامي) فهو محتوي على لبابٍ لِلْباب، وفيه سر كل كتاب في أساليب العقول.

[ u] والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذهب السلف السابقين قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض والتعمق في المشكلات والإمكان في ملابسة المعضلات والاعتناء بجمع الشبهات وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات ...

إلى أن قال: وما كانوا ينكفون-رضي الله عنهم- عما تعرض له المتأخرون عن عِيِّ وحَصْر، وتبلد في القرائح، هيهات، وقد كانوا أذكى الخلائق أذهانا وأرجحهم بياناً؛ ولكنهم استيقنوا أن اقتحام الشبهات داعية الغويات، وسبب الضلالات، فكانوا يحاذرون في حق عامة المسلمين ما هم الآن به مبتلون، وإليه مدفعون، فإن أمكن حمل العوام على ذلك فهو الأسلم. أ.هـ.

وقال الإمام في العقيدة النظامية (ص22 - 23):

(وذهبت طائفة إلى التعطيل من حيث تقاعدت عقولهم عن درك حقيقة الإله، فظنوا أن مالا يحويه الفكر منتف، ولو وقفوا لعلموا أنه لا تبعد معرفة موجود مع العجز عن درك حقيقته.

والذي ضربناه من الروح مثلاً يعارض به هؤلاء فليس لوجود الروح خفاء وليس إلى درك حقيقته سبيل ولا طريق إلى جحد وجوده للعجز عن درك حقيقته، الأكمه يعلم بالتسامع والاستفاضة الألوان ولا يدرك حقيقتها. فهذا سبب زيغ المعطلة وهم على مناقضة المشبهة.

وأما فئة الحق فهدوا إلى سواء الطريق، وسلكوا جُدُد الطريق وعلموا أن الجائزات تفتقر إلى صانع لا يتصف بالصفات الدالة على الافتقار، وعلموا أنه لو اتصف الصانع بها لكان شبيهاً بمصنوعاته، ثم لم يميلوا إلى النفي من حيث أن يدركوا حقيقة الإله، ولم يتعدوا موجداً يجب القطع به مع العجز عن درك حقيقته، إذ وجدوا أنفسهم مخلوقاً لم يستريبوا في وجده، ولم يدركوا حقيقته، ونحن الآن نذكر عبارة حَرِيَّةً بأن يتخذها مولانا في هذا الباب هجيراً فهي لعمري المنجية في دنياه وأخراه، فنقول: من نهض لطلب مدبره، فإن اطمأن إلى وجده انتهى إليه فكره فهو مشبه وإن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن قطع بموجود

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير