و قد انطلقوا من صفات العقل الواعي ثم وضعوا مصطلح العقل اللاواعي الذي نقول بأنه اسم على غير مسمى: فهو متناقض في مبناه قبل أن نبحث في معناه، و لكن بفرضية بالية تقول: ((لا يوجد في الكون إلا المتناقضات)) فقد تخيلوا صفات هذا العقل اللاواعي المزعوم! و بأنه يباين العقل الواعي فارتقوا به إلى صفات الألوهية في بعض الأحيان و انحطوا به إلى درك الحيوانات في أحيان أخر , ومن العجيب أن هذه التناقضات في الصفات لم تكوِّن مُشيراً إلىخطئهم ـ برغم عبقريتهم طبعاً ـ فقالوا:صفات العقل اللاواعي: غير موضوعي , غير منطقي ولا يدرك السبب والنتيجة، يقبل ولا يرفض شيئا و لا يميز بين الخطأ والصواب، ولا الخير ولا الشر ولا بين الحلال والحرام، كذلك لا يفرّق بين الحقيقة والخيال ولا يعي الزمن و هو غير محدود (مليارات المعلومات في آن واحد) يبدأ عمله في المرحلة الجنينية، يعمل /24/ ساعة , يعمل عند الاسترخاء ولا يعمل بالإجبار , طاقة هائلة مودعة داخل الإنسان يمكن أن تقود صاحبها إلى الخير أو إلى الشر , عنده الحلول الكثيرة والمتنوعة و الطرق المتعددة و الخبرات الهائلة والوسائل الوافرة , يشرف على 095/ 0من فعاليات الإنسان , يشبه الحاسوب أو مارد علاء الدين وأخيرا ً هو مشترك بين الإنسان والحيوان.
أقول: إن من يقبل هذا الكلام يرضى أن تسيطر البهيميّة المشتركة بين الحيوان و الانسان على 095/ 0 من سلوكه و فعالياته.
و كيف يقولون:عنده الحلول الكثيرة و الأجوبة المتنوعة والطرق العديدة و الخبرات الهائلة و الوسائل الوافرة ثم هو- بزعمهم ـ غيرمنطقي و غير موضوعي و لا يربط الأسباب بالنتائج ثم ما قيمة المعلومات إذا اختلط صحيحها بسقيمها و قويها بضعيفها و هل يزيدهم ذلك إلا تيهاً و ضياعا ً؟
ـ من صفات الكمال لهذا العقل المزعوم:
1 ـ يتعامل مع كل شيء بآن واحد " قدرة فائقة ".
2ـ غير محدود: مليارات المعلومات في آن واحد " علم مطلق ".
3ـ لا يتعب ولا يكلّ ولا يملّ " قدرة و تحمّل غير محدودين ".
4ـ عنده الحلول الكثيرة و الأجوبة المتنوعة و الطرق المتعددة " العلم الغزير ".
5ـ يشبه مارد علاء الدين " قدرة فائقة ".
من صفات البهيمية لهذا العقل المزعوم:
1ـ غير منطقي , غير موضوعي , لا يربط الأسباب بالنتائج.
2ـ لا يميز بين الخطأ والصواب , لا يميز بين الخير والشر.
3ـ يقبل كل شئ ولا يرفض شيئاً " و بهذه الصفة انحط عن البهيمية ".
أقول: لا تعليق، إذ لا يمكن أن يجمع هذه المتناقضات كائنٌ ما إلا إن كان خرافياً وفي عقول المجانين .....
ولا أريد من القارئ الكريم أن يظن أنني أنفي وجود العقل الباطن، فمعجمنا اللغوي يعج بألفاظ النفس وخباياها والعقل والقلب والفؤاد، وبذلك نحن نقول بوجود العقل الباطن وساحة اللاشعور؛ ولكن هذا شيء، و ما ناقشتُه من وجود عقل لا واع ٍ مزعوم شيء آخر، فطريقتهم في إثبات صفاته آتية من] وحدة المتناقضات [التي نراها فرضية تافهة ولا تستحق الرد إذ زعم أصحابها وجود الكون المضاد نتيجة وجود الكون، والمادة المضادة نتيجة وجود المادة، وكذلك العقل اللاواعي نتيجة وجود العقل الواعي وسلكوا نفس الطريق في إثبات صفاته، فوضعوا كلمة لا قبل صفات العقل الواعي وزادوا ما رأوه مناسباً دون دليل. ونراهم بعد إيهام المتلقّين بوجوده يدّعون أنهم سوف يدخلون إليه ويجعلونهم يخزنون المعلومات فيه ويخاطبون عقولهم اللاواعية وقد زعم بعض المدربين أن فريق كرة السلة الذي جلس دون تدريب وأغمض عينيه وأخذ يسرح في الخيال بأنه يلعب ويفوز كانت نتائجه فيما بعد أفضل من الفريق الذي كان يتدرب حقيقة!!! وهذا مدخل للكسل فالإنسان يميل بطبعه إلى الهدوء والدعة ولا يسلك العمل القاسي الموصل إلى الهدف إذا كان الخيال الخصب يعطيه فائدة أكبر؛ ومن يسلك الطريق الوعرة وعنده الطريق السهلة والحل السريع والنجاح الباهر الذي لا نعيشه إلا في تهويمات الخيال؟
شهادات غربيّة للبرمجة اللغوية العصبية
¥