تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(6) ليس للمسلم مشاركتهم في احتفالهم أو أعيادهم، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم إذا رأى المصلحة الشرعية في ذلك بأن يقول جبر الله مصيبتك، أو أحسن لك الخلف بخير، وأمثال ذلك من الكلام الطيب، ولكن لا تقول غفر الله له، أو رحمه الله، أي لا يدعو للميت الكافر، وإنما يدعو للحي بالهداية وبالعوض الصالح ونحو ذلك.

(7) يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب ما لم يعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق؛ لقوله تعالى:"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ" [المائدة:5]. وهذا ما أجمع عليه أهل العلم أن ذبائح أهل الكتاب حلال، وفي البخاري (4249) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: لما فتحت خيبر أهديت للنبي –صلى الله عليه وسلم- شاة فيها سم". وفي البخاري (2617)، ومسلم (2190) من حديث أنس – رضي الله عنه -:"أن امرأة يهودية أتت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بشاة مسمومة فأكل منها ... " الحديث. قال ابن حجر: (ومن أحكام قصة خيبر جواز الأكل من طعام أهل الكتاب، وقبول هديتهم).

(8) ويجوز نكاح نسائهم عند جمهور أهل العلم؛ لقوله –سبحانه-:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5]. قال ابن قدامة: (ليس بين أهل العلم اختلاف في حل نساء أهل الكتاب)، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل.

وكذا ذكرت في كتابي (البراءة من المشركين) تحت عنوان (البراءة لا تعني الظلم والاعتداء) ما نصه: البراءة في مفهومها الشرعي لا تعني الظلم والاعتداء، فإن الظلم حرام مطلقاً والعدل واجب في كل الأحوال؛ بل يذهب أهل الإسلام إلى أعلى من ذلك وأعظم في صورة سامقة ومرتبة عالية في موقفهم من المخالفين ليس لها مثيل، إنه موقف المشفق والمتسامح والعادل، يقول تعالى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ" [الممتحنة: 8] أي تفتضوا إليهم بالبر وهو الإحسان، والقسط وهو العدل، أو ما هو أعلى من العدل، وهو: أن تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة وليس مجرد العدل، فإن العدل واجب ممن قاتل وممن لم يقاتل، فلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم، فإن الله -عز وجل- عم بقوله:"الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم" [الممتحنة: 8] جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض، فلا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا رحمة لهم لشدتهم في العداوة.

بل إن مبادئ الإسلام توجب الدفاع عن أهل الذمة إذا قصدهم معتد؛ لأنهم في جوارنا وخفارتنا، وقد حكى ابن حزم في مراتب الإجماع على أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ...

ويوضح القرافي بجلاء الفرق بين الموالاة والتودد الممنوع وبين البر والإحسان والعدل المشروع فيقول: (واعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة بقوله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" [الممتحنة:1]، فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ... " [الممتحنة:8]، فلا بد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما، وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمة الله –تعالى- وذمة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله –تعالى- وذمة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وذمة دين الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير