تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك حكى ابن حزم في مراتب الإجماع له: (أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله –تعالى- وذمة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة، وحكى ذلك إجماع الأمة، فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صوناً لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم، وإذا كان عقد الذمة بهذه المثابة فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على موادة القلوب، وتعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبيل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل، فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ ونداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق، وأخلينا لهم واسعها ورحبها والسهل منها، وتركنا أنفسنا في خسيسها وحزنها وضيقها كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس، والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر، وتحقير شعائر الله –تعالى- وشعائر دينه، واحتقار أهله، ومن ذلك تمكينهم من الولايات والتصرف في الأمور الموجبة لقهر من هي عليه أو ظهور لعلو وسلطان المطالبة، فذلك كله ممنوع، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادماً ولا أجيراً يؤمر عليه وينهى.

أما ما أُمر به من برهم من غير مودة باطنة: كالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال أذيتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفاً منا بهم، لا خوفاً وتعظيماً، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم .. وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم وإيصالهم لجميع حقوقهم، وكل خير يحسن من الأعلى مع الأفضل أن يفعله، فإن ذلك من مكارم الأخلاق، فجميع ما نفعله معهم من ذلك ينبغي أن يكون من هذا القبيل، لا على وجه التعظيم لهم وتحقير أنفسنا بذلك الصنيع لهم، وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا –صلى الله عليه وسلم- وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا –عز وجل-، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالاً لأمر ربنا ... ). والله أعلم.

معاملة غير المسلمين

المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار

التاريخ 9/ 1/1423

السؤال

أعمل في شركة يوجد بها العديد من غير المسلمين ومن جنسيات عديدة وطبيعة العمل تحتم علينا الاحتكاك اليومي معهم، فهل هناك من حرج في مبادلتهم التحايا، وأحياناً قد يدخل أحدهم عليك في مكتبك ويهم بالسلام عليك فتقف للسلام عليه، أو يسألك عن حالك فتسأله عن حاله، مع أننا نُشْهد الله على بغضهم فيه، والشق الآخر من السؤال (يوجد أيضاً بالشركة بعض الرافضة، وقد عاب عليّ بعض الإخوان عندما كنا في مجلس ودخل أحدهم فقام الجميع للسلام عليه إلا أنا بغضاً له وكرها لمعتقده, فهل هذا التصرف صحيح للتعامل مع هؤلاء؟

الجواب

لا حرج على المسلم في معاملة غير المسلم، ويجب العدل معه، وعدم ظلمه، وسؤال هؤلاء الكفار عن أحوالهم ومبادلتهم التحية، التي يلقونها لا حرج فيه أيضاً، فقد ثبت أن النبي – عليه السلام – كان يسأل ثمامة بن أثال – رضي الله عنه – في كل يوم عن حاله وكان على الشرك عندما أسره المسلمون وربطوه في المسجد، انظر ما رواه البخاري (462) ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- وصلة القريب الكافر والجار الكافر مشروعة، بل وتعزيتهم في وفاة أقاربهم ولكن يدعى لهم بما يناسب حالهم، فلا يقال لميّتهم غفر الله له، ولا رفع الله درجته في الجنة ولكن يقال: عوضكم الله خيراً ونحوه. والمنهي عنه إنما هو موالاتهم المقتضية لمحبتهم القلبية، والرضا بما هم عليه من الكفر، ونحوه، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير