تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالتأمين باهظة، وهي عامة شاملة، وتعتبر من أنكى الخسائر الاقتصادية، وأشدها غبناً، فإن مجموع المؤمن لهم بمثابة الشاة الحلوب التي لا تعلف إلا بجزء يسير من قيمة لبنها، فهي الخسارة الجلية الواضحة كالشمس في رابعة النهار، مهما تستر عليها المستفيدون المستغلون لمصائب الناس.

أيها الأخوة الفضلاء: ما تقدم بيانه من المساوئ في كفة وما سأذكره في كفة أخرى تطيش بالكفة الأولى .. نعم تطيش بالكفة الأولى .. وهو أن التأمين قائم على أربع علل .. وكل واحدة منهن كفيلة بتحريمه والنهي عنه ألا وهي: الربا، والقمار، و الغرر، وأكل أموال الناس بالباطل.

أما العلة الأولى من تحريم التأمين: فإن التأمين قائم على الربا بنوعيه .. فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها ـ فهو ربا فضل ـ، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة من العقد، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.

وأما العلة الثانية: فإن التأمين قائم على المقامرة .. فلا يتصور قيام تأمين إلا بوجود عنصري الخطر والاحتمال، وهما العنصران المؤثران المقومان لكل قمار، فالتأمين قمار محرم بالإجماع وهو الميسر المحرم بنص القرآن، فشركة التأمين تقول للمؤمن له: ادفع كذا، فإن اصابك كذا، دفعت لك كذا، وإن لم يصبك خسرت ما دفعت، والمقامر يقول للآخر: افعل كذا، فإن أصبت كذا، دفعت لك كذا، وإن لم تصبه خسرت ما دفعت، فكل منهما يخاطر معتمداً على الحظ اعتماداً مطلقا، فالذي يدفع الأقساط ولا يقع له الحادث يخسر مبلغ التأمين، والذي يقامر ولا يصيب الرقم الرابح يخسر المقامرة، وليس لواحد منهما قدرة على تحقيق ما عاقد عليه، وإنما ينتظر كل منهما حظه الساقط أو الصاعد.

وأما العلة الثالثة في تحريم التأمين فهي حصول الغرر بأنواعه الثلاثة، فعقد التأمين عقد معاوضة يتوقف حصولها على أمر احتمالي هو وقوع الخطر، فإن وقع الخطر حصل المؤمن له على عوض أقساطه، وهو مبلغ التأمين، وإن لم يقع لم يحصل على شيء، وضاع عليه ما دفعه من أقساط،فالمؤمن له في حالة شك وعدم ثقة من حصوله على مبلغ التأمين الذي تعاقد عليه، ثم إنه لو وقع الحادث وحصل على مبلغ التأمين، فهو لا يدري كم سيكون، ولا متى سيكون، فاجتمعت في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة وهي غرر الحصول، وغرر المقدار، وغرر الأجل، والفقهاء يبطلون أي معاوضة بوجود نوع واحد من الغرر في هذه المعاوضة، فكيف بها إذا اجتمعت؟!!

أما العلة الرابعة فهي أن التأمين أكل لأموال الناس بالباطل، والله جل جلاله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.

وأخيراً إليكم هذا البيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حول التأمين التجاري والتأمين التعاوني:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه سبق أن صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه لما فيه من الضرر والمخاطرات العظيمة وأكل أموال الناس بالباطل، وهي أمور يحرمها الشرع المطهر وينهى عنها أشد النهي. كما صدر قرار من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني وهو الذي يتكون من تبرعات من المحسنين، ويقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب، ولا يعود منه شيء للمشتركين ـ لا رؤوس أموال ولا أرباح ولا أي عائد استثماري ـ لأن قصد المشترك ثواب الله سبحانه وتعالى بمساعدة المحتاج، ولم يقصد عائداً دنيوياً ـ وذلك داخل في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر:" والله في عون العبد?والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وفي قول النبي ما كان العبد في عون أخيه " وهذا واضح لا إشكال فيه، ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس وقلب للحقائق حيث سموا التأمين التجاري المحرم تأمينا تعاونياً ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير بالناس والدعاية لشركاتهم، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة؛ لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني وتغيير الاسم لا يغير الحقيقة، ولأجل البيان للناس وكشف التلبيس ودحض الكذب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير