ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 04 - 07, 08:00 ص]ـ
هل يمكن للبشر رؤية الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم يقظة عياناً؟
سؤال:
كنا قد قمنا بمسيرة احتجاجية كبيرة بالعاصمة لمساندة الشعب الفلسطيني والشعب العراقي ضد الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، بعد انتهاء المسيرة سمعت بعض الإخوان والأخوات يتحدثون أنهم رأوا سيدنا جبريل نازلاً من السماء وكذلك رأوا سيدنا محمد (ص) والكثير من الملائكة يرافقونهم، تأييداً لهذه المسيرة، فهل هذه المشاهدات قد تكون حقيقية ويجب علينا تصديقها وإلا سوف نعاقب بسوء الظن في إخواننا المسلمين؟ بالنسبة لي لم أستطع التصديق علما أن أهل بدر والصحابة الأجلاء العشرة المبشرين بالجنة لم يروا الملائكة الكرام بالعين المجردة ولا رأوا سيدنا جبريل! فهل نستطيع أن نقول إن هذا وهَم المشاهدة؟ أي: تخيل رؤية الشيء حتى يصبح حقيقة يصدقه العقل وتراه العين؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال رقم (11469) بيان حكم المظاهرات فلينظر.
ثانياً:
لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بحرف الصاد، ولا بكلمة " صلعم "! ومن كتب مثل هذا السؤال الطويل لا يعجزه كتابة الصلاة والسلام عليه كاملة.
وقد سبق بيان حكم كتابة هذين الاختصارين في جواب السؤال رقم (47976) فلينظر.
ثالثاً:
الملائكة خلقت من نور – كما رواه مسلم (2996) - ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي أنه رآها على صورتها الحقيقية إلا أن يكون نبيّاً يُصدَّق قوله، وأما أن يراهم متشكلين على هيئات أحدٍ من البشر فيمكن هذا لعامة الناس وخاصتهم، وقد جاء في السنَّة النبوية من ذلك كثير، سواء في هذه الأمة أم في الأمم التي قبلها.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو موفور العقل والدين لم يحتمل رؤية جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، فكيف أطاقه هؤلاء - هذا إن سلَّمنا أنهم رأوه أصلاً -؟!
قال الشيخ عمر الأشقر:
ولما كانت الملائكة أجساماً نورانيَّة لطيفة؛ فإن العباد لا يستطيعون رؤيتهم، خاصة أن الله لم يُعطِ أبصارنا القدرة على هذه الرؤية، ولم يرَ الملائكةَ في صُوَرهم الحقيقية من هذه الأمَّة إلا الرسول صلى الله عليه وسلَّم؛ فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلَقه الله عليها، وقد دلَّت النصوص على أن البشر يستطيعون رؤية الملائكة إذا تمثَّلت الملائكة في صورة البشر.
" عالَم الملائكة الأبرار " (ص 11).
وقال أيضاً – في سياق إثبات بشرية الرسل والرد على من اقترح أن يكونوا من الملائكة -:
الرابع: صعوبة رؤية الملائكة، فالكفار عندما يقترحون رؤية الملائكة، وأن يكون الرسل إليهم ملائكة لا يدركون طبيعة الملائكة، ولا يعلمون مدى المشقة والعناء الذي سيلحق بهم من جراء ذلك.
فالاتصال بالملائكة ورؤيتهم أمر ليس بسهل، فالرسول صلى الله عليه وسلم مع كونه أفضل الخلق، وهو على جانب عظيم من القوة الجسميَّة والنفسيَّة عندما رأى جبريل على صورته أصابه هول عظيم ورجع إلى منزله يرجف فؤاده، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعاني من اتصال الوحي به شدّة، ولذلك قال في الردّ عليهم: (يومَ يروْنَ الملائكةَ لا بُشرى يومئذٍ للمُجرمين) الفرقان/22، ذلك أنَّ الكفار لا يرون الملائكة إلا حين الموت أو حين نزول العذاب، فلو قُدّر أنّهم رأوا الملائكة لكان ذلك اليوم يوم هلاكهم.
فكان إرسال الرسل من البشر ضروريّاً كي يتمكنوا من مخاطبتهم، والفقه عنهم، والفهم منهم، ولو بعث الله رسله إليهم من الملائكة لما أمكنهم ذلك (ومَا مَنَعَ النَّاس أنْ يؤمنوا إذ جاءَهُم الهُدى إلاّ أنْ قالوا أبَعَثَ اللهُ بشراً رسُولاً. قُلْ لو كان في الأرضِ ملائكةٌ يمشون مطمئنينَ لنزّلنا عليهم من السّماء ملكاً رسُولاً) الإسراء/94، 95، أما وأن الذين يسكنون الأرض بشر فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم (لَقَدْ مَنَّ اللهُ على المؤمنينَ إذْ بعثَ فيهم رسُولاً من أنفسِهِم) آل عمران/164.
¥