و لذا كان عديم حاساتا البصر و السمع ممن يبتلون يوم العرض كما هو منصوص عليه في السنة الصحيحة.
ثم قال تعالى:
(انا هديناه السبيل اما شاكرا و اما كفورا) و على هذا كانت ارسال الرسل و انزال الكتب (لكن من كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى و اضل سبيلا)
و الفصل الاخير من هذه الاية يدل على خيار المكلف فتأمل ...
ثم قال تعالى:
(انا اعتدنا للكافرين سلاسلا و اغلالا و سعيرا) و هذا هو هداية السبيل فمن كفر و بات كفورا فلا تطهره الا السلاسل و النار ..
ثم قال تعالى:
(ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) و هذه هداية السبيل لمن شكر و بات شكورا ...
ثم قال تعالى:
(عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) و هذا الشرب في دار المقامة و دار البقاء كما هو ملاحظ و اشتقاق اسمهم هو نتيجة عملهم هذا اولا و انهم باقون على هذا المسمى عملا و اسما ثانيا ..
و قال تعالى في سورة الانبياء و له من في السموات و الارض و من عنده لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحسرون) (يسبحون الليل و النهار لا يفترون)
ثم قال تعالى:
(و دانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلا) و هذا التيسيير و التسخير بعينه ...
و قال البراء بن عازب رضي الله عنه: اهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما و قعودا و مضطجعين على أي حال شاؤوا رواه البيهقي موقوفا باسناد حسن و هو في صحيح الترغيب و الترهيب تحت رقم 3734
و قال تعالى:
(و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون) كما انه قال (ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته و لا يستنكفون)
و ايضا (لا يعصون الله و يفعلون ما يؤمرون)
ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال:
(ما من نفس منفوسة الا وقد كتب الله مكانها من الجنة و النار و الا و قد كتبت شقية او سعيدة فقال رجل:
يا رسول الله! افلا نمكث على كتابنا و ندع العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسّر لما خلق له, ان اهل السعادة فييسّرون لعمل اهل السعادة و اما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة ثم قرأ:
(فاما من اعطى و اتّقى و صدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى و اما من بخل و استغنى و كذّب بالحسنى فسنيسره للعسرى)
و من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه و سلم قال:
ان الرجل ليعمل بعمل اهل الجنة و هو مكتوب في الكتاب من اهل النار فاذا كان قبل موته تحوّل فعمل بعمل اهل النار فمات فدخل النار و ان الرجل ليعمل بعمل اهل النار و انه مكتوب في الكتاب من اهل الجنة فاذا كان قبل موته تحوّل فعمل بعمل اهل الجنة فمات فدخلها
و عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال: كتب الله على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة) متفق عليه
و قال تعالى (ما اصاب من مصيبة في الارض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير) الحديد22
و عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات و الارض يخمسين الف سنة) مسلم
و عن جابر ان رجلا قال: يا رسول الله! فبم العمل اليوم؟ أفيما جفت به الاقلام و جرت به المقادير؟
ام فيما يستقبل؟ قال (لا) بل فيما جفت به الاقلام و جرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال صلى الله عليه و سلم: اعملوا فكل ميسّر لما خلق له) رواه مسلم
و من حديث ابي ذر الغفاري عن نبيّه صلى الله عليه و سلم عن ربه عز و جل:
يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا ...
يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها عليكم ثم اوفّيكم ايّاها فمن وجد خيرا فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن الاّ نفسه (مسلم)
قال ابن رجب: فاذا كان المراد من وجد خيرا او غيره في الاخرة كان اخبارا منه بأن الذين يجدون الخير في الاخرة يحمدون الله على ذلك و ان من وجد غير ذلك يلوم نفسه حين لا ينفعه اللوم فيكون لفظه لفظ الامر و معناه الخبر ... (جامع العلوم و الحكم)
و قد اخبر تعالى عن اهل الجنة انهم يحمدون الله على ما رزقهم من فضله فقال:
(و نزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الانهار و قالوا الحمدلله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله) الاعراف 43
و قال تعالى:
(و قالوا الحمدلله الذي صدقنا وعده و أورثنا الارض نتبوا من الجنة حيث نشاء) الزمر74
¥