وقالوا الحمدلله .... فاطر34_35
و قال تعالى (فاما من اعطى و اتقى و صدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و اما منبخل و استغنى و كذّب بالحسنى فسنيسره للعسرى)
و كان من دعائه صلى الله عليه و سلم (و اهدني و يسر الهدى لي) احمد و الترمذي و ابو داود و هو صحيح
و كان ابن عمر كما ذكر ابن رجب في جامعه (انه كان يدعو (اللهم يسّرني لليسرى و جنّبني العسرى)
قال ابن رجب:
(و اما اعمال البدنية فان لها في الدنيا مقصدين:
احدهما: اشتغال الجوارح بالطاعة و كدّها بالعبادة
و الثاني: اتّصال القلوب بالله و تنويرها بذكره
فالاول قد رفع عن اهل الجنة
و لهذا روي انهم اذا هموا بالسجود لله عند تجليه لهم يقال لهم:
ارفعوا رؤوسكم فانكم لستم في دار مجاهدة.
قلت: لعل مسنده حديث علي الآتي ذكره ......
و ذكر المنذري في ترغيبه و ترهيبه من حديث علي قال: اذا سكن اهل الجنة الجنة اتاهم ملك فيقول: ان الله يأمركم ان تزروه فينحنون فيأمر الله تعالى داود عليه السلام فيرفع صوته بالتسبيح و التهليل ثم توضع مائدة الخلد قالوا يا رسول الله و ما مائدة الخلد؟
قال زاوية من زواياها أوسع مما بين المشرق و المغرب فيطعمون ثم يسقون ثم يكسون فيقولون: لم يبق الا النظر في وجه الله عز و جل فيتجلى لهم فيخرون سجدا فيقال لهم:
لستم في دار عمل و انما انتم في دار جزاء) باسناد ضعيف جدا".
و اما المقصود الثاني فحاصل لاهل الجنة على اكمل الوجوه و أتمها.
و كذلك نعيم الذكر و تلاوة القرآن لا ينقطع عنهم ابدا فيلهمون كما يلهمون النفس.
روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ان اهل الجنة يأكلون فيها و يشربون و لا يتفلون و لا يبولون و لا يتغوطون و لا يتمخطون قالوا فما بال الطعام؟ جشاء و رشح كرشح المسك يلهمون التسبيح و التحميد كما يلهمون النفس)
الجشاء: هو تنفس المعدة من الامتلاء.
و لذلك قال تعالى و الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحسرون) (يسبحون الليل والنهار لا يفترون)
مع كون الملائكة في دار لا تكليف فيها و بمعنى آخر لا خيار لهم و مع هذ وصفهم سبحانه و تعالى بعبادتهم و عدّ منها السبيح ...
و عندما كان الفتور ممنوعا عنهم فاصبجوا مسيرين و هذه هي صفة اهل الجنة من المتقين ...
قلت: و كلام اهل الجنة مرفوع حيث حلّ الرضى عليهم فلن يسخط عليهم خالقهم بعد ذلك ابدا" و اذا تأملنا ذاك الحوار الذي جرى بين الله تعالى و أدنى منزلة اهل الجنة دخولا و ولوجا و سؤاله عن نعيم الجنة و عقد ايمانه بعدم معاودة السؤال ثم نقضه له كما في قوله (قال رب اعطني ذلك المنزل فيقول الله تعالى له:
فلعلك ان اعطيتكه تسأل غيره؟ فيقول: لا و عزتك لا اسألك غيره و انّى منزل احسن منه؟! فيعطاه فينزله)
و تكرر هذا منه لربه ثلاثا!
حتى قال له تعالى (مالك لا تسأل؟ فيقول: رب قد سألتك حتى استحييتك و أقسمت لك حتى استحييتك فيقول الله جل ذكره الم ترضى ان اعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها الى يوم افنيتها و غيره اضعافه؟
فيقول: أتهزأ بي و انت رب العزة؟ فيضحك الرب من قوله.
و كلا الكلمتين سقط في هذه الدنيا و يترب علهما ما معروف من ردة و خروج عن الملة ...
ثم ( .... حتى اذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له: ارفع رأسك مالك؟ فيقول: رأيت ربي فيقال له انما هو منزل من منازلك ...
و تكرر هذا منه مرتان ...
فلم ينكر عليه السجود خلافا للحديث الضعيف الذي تقدم معنا!
و ما اكثر ما ينادي الخالق عباده (يا اهل الجنة) كعند ذبح الموت و احلال رضاه و لم يسعهم الا قولتهم (لبيك)
بينما كانت مناداته في دنيا العمل ب (يايها الذين آمنوا ... يا بني آدم ... )
و كانت الاستجابة تتفاوت من شخص الى آخر فمن معرض الى متهاون و متكاسل الى لبيك ...
و هذا احدى الفوارق بين التخيير و التسيير فتنبه.
و لا يتصور دخول جنة من دون سابق سجود سواء أكان سجودا عضويا او منعويا" و الخلاف حول هذا مشهور ...
قال تعالى (يوم يكشف عن ساق و يدعون الى السجود فلا يستطعون) (خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون الى السجود و هم سالمون) القلم42.43
و هذا النداء حالة كانوا مخييرين فلما اعرضوا دعوا اليه و هم مسيرون فلم يستطعوه ..
قال تعالى: و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير و كنا فاعلين) الانبياء:79
و قال تعالى) و لسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الارض التي باركنا فيها .. ) الانبياء:81
و قال تعالى (ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون) الانبياء:101
و قال تعالى (الم تر ان الله يسجد له من في السموات و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الداوب و كثير من الناس و كثير حق عليه العذاب و من يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء) الحج: 18
و غير هذا كثير اعرضت عنه لكثرة الصوارف و انما خطت يميني ما يحتاجه السائل و يرويه فمن ارتوى فله ذلك و من اعرض فلا ترويه ينابيع الدنيا فله سبيل و لي سبيل ...
و سبحانك اللهم و بحمدك استغفرك و اتوب اليك .......